للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه القاعِدةُ مُتفَقٌ عليها بينَ العُلماءِ، ولكنْ عُذرُ الذين أوجَبُوا الإحدادَ على الذِّميةِ أنه يَتعلقُ به حقُّ الزَّوجِ المُسلمِ، وكانَ منه إلزامُها به كأصلِ العدَّةِ، ولهذا لا يُلزمونَها به في عدَّتِها مِنْ الذِّميِّ ولا يُتعرَّضُ لها فيها، فصارَ هذا كعُقودِهم معَ المُسلمينَ فإنُهم يُلزَمونَ فيها بأحكامِ الإسلامِ وإنْ لم يُتعرَّضْ لعُقودِهم مع بعضِهم بعضًا، ومَن يُنازِعُهم في ذلكَ يَقولونَ: الإحدادُ حَقٌّ للهِ تعالَى، ولهذا لو اتَّفقَتْ هي والأولياءُ والمُتوفَّى على سُقوطِه بأنْ أوصاها بتَركِه لم يَسقطْ ولَزمَها الإتيانُ به، فهو جارٍ مَجرَى العِباداتِ، وليسَتِ الذِّميةُ مِنْ أهلِها، فهذا سِرُّ المَسألةِ (١).

ثانيًا: الإحدادُ على الصَّغيرةِ:

إذا ماتَ زَوجُ الصَّغيرةِ فإنه يَجبُ عليها الإحدادُ عندَ الجُمهورِ خلافًا للحَنفيةِ، وهي على الخِلافِ السابقِ في مَسألةِ الكِتابيةِ، فالجُمهورُ يُوجِبونَ عليها الإحدادَ؛ لدُخولِها في عُمومِ الأحاديثِ.

والحَنفيةُ لا يُوجِبونَ عليها الإحدادَ؛ لأنَّ الحِدادَ عِبادةٌ بَدنيةٌ، فلا تَجبُ على الصَّغيرةِ والكافِرةِ كسائرِ العِباداتِ البَدنيةِ مِنْ الصَّومِ والصَّلاةِ وغيرِهِما، بخِلافِ العدَّةِ؛ فإنها اسمٌ لمُضيِّ زَمانٍ، وذا لا يَختلفُ بالإسلامِ والكُفرِ والصِّغرِ والكِبَرِ؛ لأنها غيرُ مُكلَّفةٍ، ولأنها عِبادةٌ بَدنيةٌ كالصَّومِ والصَّلاةِ وهي لا تَجبُ عليها (٢).


(١) «زاد المعاد» (٥/ ٦٩٨، ٦٩٩).
(٢) المَصادِر السَّابقَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>