للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولَنا: أنَّه وَكيلٌ في قَبضِ حَقٍّ، فأشبَهَ الوَكيلَ في قَبضِ الدَّيْنِ، وما ذَكَروه يَبطُلُ بالتَّوكيلِ في قَبضِ الدَّيْنِ؛ فإنَّه وَكيلٌ في قَبضِه ونَقلِه إليه (١).

وقالَ أبو حَنيفةَ ومُحمَّدُ بنُ الحسَنِ -رحمهما الله-: يُقبَلُ إقرارُه في مَجلِسِ الحُكمِ فيما عَدا الحُدودَ والقِصَاصَ، وقالَ أبو يُوسفَ : يُقبَلُ إقرارُه في مَجلِسِ الحُكمِ وغيرِه؛ لأنَّ الإقرارَ أحَدُ جَوابَيِ الدَّعوَى، فصَحَّ مِنْ الوَكيلِ بالخُصومةِ، كما يَصحُّ مِنه الإنكارُ.

وَقالوا: إنَّ المُوكِّلَ إذا نَصَّ في عَقدِ الوَكالةِ على أنَّ الوَكيلَ ليسَ له الإقرارُ، لَم يَكُنْ له حَقُّ الإقرارِ في ظاهِرِ الرِّوايةِ، فلَو أقَرَّ عندَ القاضي لا يَصحُّ، وخرَج به عن الوَكالةِ، كما نَصُّوا على أنَّ التَّوكيلَ بالإقرارِ يَصحُّ، ولا يَصيرُ المُوكِّلُ بمُجَرَّدِ التَّوكيلِ مُقِرًّا، ونقَل ابنُ عابِدينَ عن الطَّواوِيسيِّ: مَعناه أنْ يُوكِّلَ بالخُصومةِ، ويَقولَ: خاصِمْ؛ فإذا رَأيتَ لُحوقَ مُؤنةٍ أو خَوفَ عارٍ عليَّ فأقِرَّ بالمُدَّعَى، يَصحُّ إقرارُه على المُوكِّلِ (٢).

التَّوكيلُ في المُباحاتِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ التَّوكيلِ في المُباحاتِ، كَإحياءِ المَواتِ وإسقاءِ الماءِ والِاصطيادِ والِاحتِطابِ والِاحتِشاشِ، هَلْ يَصحُّ أو لا؟

فَذهَب الشَّافِعيَّةُ في الأظهَرِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه يَصحُّ التَّوكيلُ في المُباحاتِ، كَإحياءِ المَواتِ والِاصطيادِ والِاحتِطابِ والِاحتِشاشِ


(١) «المغني» (٥/ ٥٨، ٥٩).
(٢) «حاشية ابن عابدين» (٧/ ٢٩٦، ٣٦٦)، و «درر الحكام» (٧/ ٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>