ويُشترطُ أنْ لا يكونَ ذلك مُجحِفًا بمالِ ابنتِه، فإنْ كانَ مُجحِفًا بمالها لم يَصحَّ الشرطُ وكانَ الجَميعُ لها كما لو اشتَرطَه سائرُ أوليائها، ذكَرَه القاضي في «المُجرَّد».
فصلٌ: فإنْ شرَطَ لنفسِه جميعَ الصداقِ ثم طلَّقَ قبلَ الدخولِ بعدَ تَسليمِ الصداقِ إليه رجَعَ في نصفِ ما أعطَى الأبَ؛ لأنه الذي فرَضَه لها، فتَرجعُ في نصفِه؛ لقولِه تعالَى: ﴿فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧]، ويَحتملُ أنْ يَرجعَ عليها بقَدرِ نصفِه ويكونُ ما أخَذَه الأبُ له؛ لأننا قدَّرْنا أنَّ الجَميعَ صارَ لها ثم أخَذَه الأبُ منها، فتصيرُ كأنها قبضَتْه ثم أخَذَه منها، وهكذا لو أصدَقَها ألفًا لها وألفًا لأبيها ثم ارتدَّتْ قبلَ الدُّخولِ فهل يَرجعُ في الألفِ الذي قبَضَه الأبُ عليه أو عليها؟ على وجهَين (١).
إذا تَزوَّجَها على مَهرٍ في السِّرِّ ومَهرٍ في العَلانيَةِ:
اختلفَ الفُقهاءُ فيما لو اتَّفقَ الزَّوجانِ على مهرٍ في السرِّ ثمَّ اتَّفقَا أنْ يُعلِنَا مَهرًا أكثَرَ منه في العَلانيةِ أمامَ الناسِ، أو العكس بأنْ كتَبَا مَهرًا كَبيرًا في السرِّ ثم أعلَنَا أمامَ الناسِ مَهرًا أقَلَّ منه، ما الذي يَلزمُ الزوجَ منهُما؟ هل مَهرُ السرِّ أم العَلانيةِ؟
فذهَبَ الحَنفيةُ -وكذا الشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في المَذهبِ
(١) «المغني» (٧/ ١٧١، ١٧٣)، ويُنظَر: «الكافي» (٣/ ١١٠)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٤٢٦)، و «المبدع» (٧/ ١٤٤، ١٤٥)، و «الإنصاف» (٨/ ٢٤٨)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٥١، ١٥٢)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ١٨٤، ١٨٥).