للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَيفيَّةُ صَلاةِ الخَوفِ:

ثبَتَ عن رَسولِ اللهِ في صَلاةِ الخَوفِ كَيفيَّاتٌ كَثيرةٌ، ومِن ثَم اختَلفَ الفُقهاءُ في كَيفيَّةِ صَلاةِ الخَوفِ؛ لتعَدُّدِ الرِّواياتِ في ذلك، إلا أنَّهمُ اتَّفقُوا على جَميعِ الصِّفاتِ المَرويَّةِ عن النَّبيِّ في صَلاةِ الخَوفِ مُعتَدًّا بها، وإنما الخِلافُ بينَهم في التَّرجيحِ (١).

قالَ الإمامُ أحمدُ: كلُّ حَديثٍ يُروَى في أَبوابِ صَلاةِ الخَوفِ فالعملُ به جائِزٌ، وقالَ: سِتةُ أَوجُهٍ أو سَبعةٌ يُروَى فيها، كلٌّ جائِزٌ.

وقالَ الأثرَمُ: قُلتُ لِأبي عبدِ اللهِ: تَقُولُ بالأَحاديثِ كلِّها، كلُّ حَديثٍ في مَوضِعِه، أو تَختارُ واحدًا منها؟ قالَ: أنا أقُولُ: مَنْ ذهَبَ إليها كلِّها فحَسنٌ، وأمَّا حَديثُ سَهلٍ فأنا أَختارُه (٢).

قالَ ابنُ هُبيرةَ : ذهَبَ أبو حَنيفةَ إلى اختِيارِ ما رَواه ابنُ عمرَ، وهو أن يَجعلَهمُ الإمامُ طائفَتَينِ: طائِفةً وِجاهَ العَدُوِّ، وطائِفةً خلفَه، فيُصلِّيَ بالأُولَى وهي الطائِفةُ التي خلفَه رَكعةً، وسَجدتَينِ، فإذا رفَعَ رَأسَه مِنْ السَّجدةِ الثانيةِ مَضَت هذه الطَّائِفةُ إلى وِجاهِ العَدوِّ، وجاءَت تلك الطَّائِفةُ فأحرَمَت معه، فصلَّى بهمُ الإمامُ رَكعةً وسَجدتَينِ، وتَشهَّدَ وسلَّمَ، ولم يسلِّموا، وذَهَبوا إلى وِجاهِ العَدوِّ، وجاءَت الطَّائِفةُ الأُولَى فصَلوا رَكعةً وسَجدتَينِ بغيرِ قِراءةٍ، وتَنصرِفَ إلى مُقامِها،


(١) «الإفصاح» (١/ ٢٢٩).
(٢) «المغني» (٣/ ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>