للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَسألةُ الثَّالثةَ عَشْرَةَ: إذا عمِل أحَدُهما نِصفَ العَملِ، وأكمَلَه آخَرُ:

جُمهورُ أهلِ العِلمِ القائِلونَ بصِحَّةِ الجَعالةِ قالوا: إنَّ العامِلَ لا يَستحقُّ الجُعْلَ المَشروطَ إلَّا بتَمامِ العَملِ؛ فإذا ترَك العَملَ فلا يَستحقُّ شَيئًا مِنْ المَشروطِ له؛ لأنَّه فَوَّتَ عَملَه باختيارِه، ولا فَرقَ في ذلك بينَ أنْ يَقَعَ بعضُ العَملِ مُسلَّمًا، كما لو شرَط الجُعْلَ في مُقابَلةِ تَعليمِ القُرآنِ، أو بِناءِ الحائِطِ، فعَلَّمَ، أو بَنَى بعضَه، أو غيرَ مُسلَّمٍ، كَرَدِّ الآبِقِ؛ فلا يَستحقُّ شَيئًا، غيرَ أنَّه يُستَثنَى ما إذا زادَ الجاعِلُ في العَملِ، ولَم يَرْضَ العامِلُ بالزِّيادةِ، ففسَخ لِأجلِ ذلك؛ فإنَّه يَستحقُّ أُجرةَ المِثْلِ، وبِهذا قالَ الشَّافِعيَّةُ، والحَنابِلةُ، وهو أيضًا مَذهبُ المالِكيَّةِ: لا يَستحقُّ شَيئًا؛ إلَّا إذا أتَمَّه غيرُه على هذا التَّفصيلِ.

قالَ المالِكيَّةُ: لا يَستحقُّ الجُعْلَ إلَّا بالتَّمامِ لِلعَملِ المَطلوبِ، وتَمامُه بتَحصيلِ ثَمَرَتِه، وإذا لَم يَتِمَّ العَملُ لا يَستحقُّ شَيئًا، إذا كانَ ما فَعلَه لا انتِفاعَ به لِلجاعِلِ، أمَّا ما له فيه انتِفاعٌ فإنْ أتَمَّه غيرُه بعدَ تَركِ العَملِ، بأنِ استأجَرَ رَبُّه -بأجْرٍ، قَلَّ أو كَثُرَ- أو جاعَلَ مَنْ يُتِمُّ عَملَه، أو أتَمَّه بنَفْسِه أو بعَبيدِه؛ فإنَّه يَكونُ لِلأوَل مِنْ الأجْرِ بنِسبةِ أجْرِ عَملِ العامِلِ الثَّاني، أي: بنِسبةِ ما أخَذَ الثَّاني سَواءٌ أعمِل الثَّاني قَدْرَ عَملِ الأوَل، أم أقَلَّ، أم أكَثَرَ؛ لأنَّ الجاعِلَ حينَئذٍ قَدِ انتَفَعَ بما عمِله له الأوَّلُ، مِثالُه: أنْ يُجعَلَ لِلأوَل خَمسةٌ على حَمْلِ خَشَبةٍ مثلًا، إلى مَوضِعٍ مَعلومٍ، فبلَغها نِصفَ الطَّريقِ، وترَكها، فجعَل

<<  <  ج: ص:  >  >>