للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ المُوصيَ إذا أَوصَى لإِنسانٍ وهو يَعلمُ أنَّه مَيتٌ؛ فإنَّ الوَصيةَ لا تَصحُّ، وتَكونُ باطِلةً؛ لأنَّه لا خِلافَ أنَّه لو وهَبَ لزَيدٍ وهو مَيتٌ فالهِبةُ باطِلةٌ علِمَ بمَوتِه أو لم يَعلَمْ، ووَرثتُه لا يَقومونَ في قَبولِها مَقامَه، كذلك الوَصيةُ أوْلى؛ لأنَّها إنَّما أوجَبَها للمَيتِ، فإذا لم تَصحَّ للمَيتِ لم يَستحقُّوها عنه.

ولأنَّه عَقدٌ يَفتقِرُ إلى القَبولِ فلم يَصحَّ للمَيتِ كالهِبةِ (١).

ج- إذا أَوصَى لاثنَينِ أحدُهما حَيٌّ والآخَرُ مَيتٌ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أَوصَى المُوصي لاثنَينِ أحدُهما حَيٌّ والآخَرُ مَيتٌ، هل يَأخذُ الحَيُّ جَميعَ الوَصيةِ أو يَأخذُ نِصفَها؟

فهذا لا يَخلو من حالتَينِ:

الحالةُ الأُولى: أنْ يُوصيَ لاثنَينِ أحدُهما حَيٌّ والآخَرُ مَيتٌ:

فذهَبَ الحَنفيةُ في ظاهِرِ الرِّوايةِ إلى أنَّ مَنْ أَوصَى لزَيدٍ وعَمرٍو بثُلثِ مالِه فإذا عَمرٌو مَيتٌ قبلَ الوَصيةِ فالثُّلثُ كلُّه لزَيدٍ، سَواءٌ علِمَ بمَوتِ المَيتِ


(١) «مختصر اختلاف العُلماء» (٥/ ١٩)، و «الهداية» (٤/ ٢٣٨)، و «العناية» (١٦/ ١١٢)، و «الحاوي الكبير» (٨/ ١٩٣، ١٩٤)، و «البيان» (٨/ ١٦٣، ١٦٤)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٣٦٥)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٦٧)، و «النجم الوهاج» (٦/ ٢٢٠)، و «المغني» (٦/ ٦٧)، و «كشاف القناع» (٤/ ٤٤٢)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٤٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>