للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الإمامُ أبوحَنيفةَ إلى أنَّ لِأوليائِها منْعَها مِنْ التزويجِ بدونِ مهرِ مثلِها؛ لأنَّ عليهم في ذلكَ عارًا، وفيه ضَررٌ على نِسائِها لنقصِ مهرِ مثلِهنَّ، ولأنهُم يَفتخرونَ بغَلاءِ المهرِ ويَتعيَّرونَ ببَخسِه، فيَلحقُهم الضررُ بالبَخسِ وهو ضَررُ التَّعييرِ، فكانَ لهم دَفعُ الضررِ عن أنفُسِهم بالاعتراضِ، ولهذا يَثبتُ لهم حَقُّ الاعتراضِ بسببِ عدمِ الكَفاءةِ، كذا هذا، ولأنها بالبَخسِ عن مهرِ مثلِها أضَرَّتْ بنِساءِ قَبيلتِها؛ لأنَّ مُهورَ مثلِها عندَ تَقادُمِ العهدِ تُعتبَرُ بها، فكانَتْ بالنَّقصِ مُلحِقةً الضررَ بالقبيلةِ، فكانَ لهم دَفعُ هذا الضررِ عن أنفُسِهم بالفَسخِ (١).

المَسألةُ الثانية: إذا دَعَتْ إلى كُفءٍ ودَعَى وليُّها إلى كُفءٍ:

لا خِلافَ بينَ الفُقهاءِ على أنَّ المرأةَ إذا دَعَتْ إلى كُفءٍ ودَعَا وليُّها غيرُ الأبِ إلى كُفءٍ أنه يقدَّمُ كفؤُها، فيجبُ على الوليِّ غيرِ الأبِ في البِكرِ إجابةُ المرأةِ إلى كُفءٍ مُعيَّنٍ دعَتْ إليه وهي بالغةٌ؛ لأنها لو لم تُجَبْ لذلكَ مع كونِها مُضطرةً إلى عَقدِه كانَ ذلكَ ضررًا بها، فإنْ دعَا الوليُّ إلى كُفءٍ غيرِ كُفئِها أُجيبَتْ وكانَ كُفؤُها أَولى مِنْ كُفئِه؛ لأنه أدوَمُ للعِشرةِ، فيأمُرُه الحاكمُ أنْ يزوِّجَ مَنْ دَعَتْ إليه، فإنْ فعَلَ فواضِحٌ.


(١) «بدائع الصنائع» (٢/ ٣٢٢)، و «الفتاوى الهندية» (٥/ ٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>