وقالَ الجَصَّاصُ ﵀: ويَدُلُّ على جَوازِ الوَكالةِ في قَضاءِ الدَّيْنِ واقتِضائِه حَديثُ حُذَيفةَ عن النَّبيِ ﷺ: «أنَّ رَجُلًا لَم يَعمَلْ مِنْ الخَيرِ شَيئًا إلَّا أنَّه قالَ: كُنْتُ آمُرُ فِتياني أنْ يُنظِروا المُعسِرَ، ويَتَجاوَزوا عن المُوسِرِ، فقالَ اللَّهُ تَعالى: تَجاوَزوا عَنهُ»(١).
إذا أمَرَ المُوكِّلُ الوَكيلَ بقَضاءِ الدَّيْنِ فلَمْ يُشهِدْ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ مَنْ وكَّل غيرَه في قَضاءِ دَيْنٍ على المُوكِّلِ وقالَ:«اقضِه ولا تُشهِدْ عليه» فإنَّه لا ضَمانَ على الوَكيلِ إذا أنكَرَه رَبُّ الدَّيْنِ، سَواءٌ حضَر المُوكِّلُ أو غابَ؛ لأنَّه لَم يُفَرِّطْ.
كما اتَّفَقوا على أنَّ مَنْ وكَّل غيرَه في قَضاءِ دَيْنٍ على المُوكِّلِ، وأمَرَ الوَكيلَ بالإشهادِ، فقَضاه ولَم يُشهِدْ، وأنكَرَ الغَريمُ؛ فإنَّه يَضمَنُ.
واختَلَفوا في ضَمانِ الوَكيلِ إذا أمَرَه المُوكِّلُ بقَضاءِ دَيْنٍ عليه ولَم يَأمُرْه بالإشهادِ، فقَضاه ولَم يُشهِدْ، وأنكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ القَضاءَ:
فَذهَب الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ في المَشهورِ والشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الوَكيلَ يَضمَنُ في هذه الحالةِ، ولا يُقبَلُ قَولُه على رَبِّ الدَّيْنِ إلَّا
(١) «شرح مختصر الطحاوي» للجصاص (٣/ ٢٦٤)، و «مجمع الضمان» (١/ ٥٦١)، و «المعونة» (٢/ ٢٠٦)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٥٣)، و «الذخيرة» (٨/ ٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٢٧٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ١٩٥)، و «المختصر الفقهي» (١٠/ ٢٦٧)، و «منح الجليل» (٦/ ٣٥٩)، و «الشرح الصغير» (٨/ ٦٣)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٤٩٠)، و «مغني المحتاج» (٣/ ١٩٨)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٢٧)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٣٣)، و «الديباج» (٢/ ٣٠٧)، و «كنز الراغبين» (٢/ ٨٤٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٤٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٠٦).