للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصلٌ: وصَلاةُ الأَمَةِ مَكشوفَةُ الرَّأسِ جائِزةٌ، لا نَعلمُ أَحدًا خالَفَ في هذا إلا الحَسنَ، فإنَّه مِنْ بينَ أهلِ العِلمِ أَوجَبَ عليها الخِمارَ إذا تَزوَّجَت أو اتَّخذَها الرَّجلُ لِنَفسِهِ، واستَحبَّ لها عَطاءٌ أن تَتقنَّعَ إذا صلَّت.

وذلكَ لأنَّ عمرَ ضَربَ أَمةً لِآلِ أَنسٍ رَآها مُتَقنِّعةً، فقالَ: اكشِفي رَأسَكِ ولا تَشَبَّهي بالحَرائرِ، وهَذا يَدلُّ على أنَّ هذا كان مَشهورًا بينَ الصَّحابةِ، لا يُنكَرُ، حتى إنَّ عمرَ أنكَرَ مُخالفَتَه، وقالَ أبو قِلابَةَ: إنَّ عمرَ بنَ الخطَّابِ كانَ لا يَدعُ أمَةً تَتَقنَّعُ في خِلافَتهِ، وقال: إنَّما القِناعُ لِلحَرائرِ (١).

د- استِقبالُ القِبلَةِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ استِقبالَ القِبلةِ مع القُدرةِ شَرطٌ مِنْ شُروطِ صحَّةِ الصَّلاةِ؛ لقولِه تَعالى: ﴿فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾ [البقرة: ١٤٤]، يَعني: نحوَهُ، كما تَقولُ العَرَبُ: هَؤلاءِ القَومُ يُشاطِرونَنا إذا كانَت بُيوتُهم تُقابِلُ بُيوتَهم.

وعن البَراءِ بنِ عازِبٍ : «أنَّ النَّبيَّ كانَ أَوَّلَ ما قَدِمَ المَدِينَةَ نزلَ على أَجدَادِه -أو قالَ: أَخوَالِه- مِنْ الأَنصَارِ، وَأَنَّه صلَّى قِبَلَ بَيتِ المَقدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهرًا أو سَبعَةَ عَشَرَ شَهرًا، وَأَنَّه صلَّى أَوَّلَ صَلاةٍ صلَّاهَا صَلاةَ العَصرِ، وَصلَّى معه قَومٌ فَخرَج رَجلٌ ممَّن صلَّى معه، فَمرَ على أَهلِ مَسجدٍ وَهُمْ رَاكِعُونَ، فقالَ: أَشهَدُ بِاللَّهِ لقد صلَّيتُ معَ رَسولِ اللهِ قِبَلَ مَكَّةَ، فَدَارُوا كما هُمْ قِبَلَ البَيتِ» (٢).


(١) «المغني» (٢/ ١٥٥، ١٥٨).
(٢) رواه البُخاري (٤٠/ ٤٢١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>