للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُكمُ المُجاهدِ يَموتُ بعدَ خُروجِه للجِهادِ وقبلَ المَعركةِ:

إذا خرَجَ المُجاهِدُ للجِهادِ في سَبيلِ اللهِ ثم ماتَ بمَرضٍ ونَحوِه قبلَ المَعركةِ دونَ سَببٍ مِنْ العَدوِّ فهل يَأخذُ أَحكامَ الشَّهيدِ الدُّنيويَّةَ أو لا؟

قال الإمامُ الكاسانِيُّ : شَرائطُ الشَّهادةِ أنواعٌ: منها أنْ يَكونَ مَقتولًا حتى لو ماتَ حَتفَ أنْفِه، لا يَكونُ شَهيدًا؛ لأنَّه ليسَ بمَقتولٍ، فلَم يَكنْ في مَعنى شُهداءِ أُحدٍ (١).

وقالَ الإمامُ الماوَرديُّ : إلا أنْ يَموتَ بَينَ الصَّفَّينِ حَتفَ أنفِه فهو كغَيرِه مِنْ مَوتى المسلِمينَ يُغسَّلُ ويُكفَّنُ ويُصلَّى عليه (٢).

وقالَ البُهوتيُّ : وإنْ سقَطَ مِنْ شاهِقٍ، أي مَكانٍ مُرتفِعٍ كجَبلٍ ونَحوِه لا بفِعلِ العَدوِّ فماتَ، أو سقَطَ عن دابَّةٍ لا بفِعلِ العَدوِّ فماتَ، أو رَفسَتْه دابَّةٌ فماتَ، أو ماتَ في دارِ الحَربِ حَتفَ أنفِه، أو عادَ سَهمُه عليه فقتَلَه، أو عادَ سَيفُه عليه فقتَلَه، أو وُجدَ ميِّتًا ولا أثَرَ به، أو حُملَ بعدَ جُرحِه فأكَلَ أو شرِبَ أو نامَ أو بالَ أو تكلَّمَ أو عطَسَ أو طالَ بَقاؤُه عُرفًا، غُسِّل وصُلِّيَ عليه وُجوبًا.

أمَّا مَنْ ماتَ بغيرِ فِعلِ العَدوِّ فلعَدمِ مُباشَرتِهم قَتلَه وتَسبُّبِهم فيه، فأشبَهَ مَنْ ماتَ بمَرضٍ، وأمَّا مَنْ وُجدَ ميِّتًا ولا أثَرَ به فلأنَّ الأصلَ وُجوبُ الغُسلِ والصَّلاةِ فلا يَسقطُ يَقينُ ذلك بالشَّكِّ في مُسقِطِه، فإنْ كانَ به أثَرٌ لَم يُغسَّلْ


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ٣٢٠).
(٢) «الحاوي الكبير» (٣/ ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>