أقولُ -واللهُ تعالَى أعلمُ-: إن سَببَ الخِلافِ في زَكاةِ الدَّينِ أَمرانِ:
الأولُ: أنَّه لا يُوجَدُ نَصٌّ صَريحٌ في القُرآنِ ولا في السُّنةِ، ولا يُوجَدُ إِجماعٌ يُوجِبُ أو يُسقِطُ الزَّكاةَ في الدَّينِ.
قال الأَمينُ الشِّنقيطيُّ ﵀: ولا نَعلَمُ في زَكاةِ الدَّينِ نَصًّا من كِتابٍ، ولا سُنَّةٍ، ولا إِجماعٍ، ولا في كَونِ الدَّينِ مانِعًا من وُجوبِ الزَّكاةِ على المَدينِ إنْ كانَ يَستغرِقُ أو يُنقِصُ النِّصابَ، إلا آثارًا ورَدَت عن بعضِ السَّلفِ (١).
الآخَرُ: أنَّ الآثارَ المَرويَّةَ عن السَّلفِ من الصَّحابةِ والتابِعينَ مُتعارِضةٌ، وإذا تَعارَضت فلا يَكونُ بعضُها حُجةً على الآخَرِ. ومِن ثَم تَعدَّدَ النَّقلُ عندَ أَصحابِ المَذاهِبِ الفِقهيَّةِ.
الحالةُ الثانيةُ: أنْ يَكونَ الدَّينُ على مَدينٍ مُفلِسٍ أو جاحِدٍ له أو مُماطِلٍ أو غاصِبٍ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الدَّينَ إذا كانَ على مُفلِسٍ مُقِرٍّ به أو على جاحِدٍ أو على مُماطِلٍ لا يُخرِجُ زَكاتَه إلا إذا قبَضَه.
ثم اختلَفوا إذا قبَضَه هل تَجبُ عليه زَكاتُه لِما مَضى من السِّنينَ عندَه أو لِعامٍ واحِدٍ فقط، أو لا تَجبُ مُطلَقًا، وإنَّما يستأنِفُ به حَولًا جَديدًا؟ على أَقوالٍ في هذا.