للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّ العادةَ والغالِبَ حُصولُها بالحَديدِ، ولو حصَلَتْ بغيرِه لَكانَتْ جائفةً، ثم يَنتقضُ ما ذَكَروهُ بما لو أدخَلَ يَدَه في جائِفةِ إنسانٍ فخرَقَ بطْنَه مِنْ مَوضعٍ آخَرَ فإنه يَلزمُه أرشُ جائِفةٍ بغَيرِ خِلافٍ نَعلمُه، وكذلكَ يخرجُ فيمَن أوضَحَ إنسانًا في رأسِه ثم أخرَجَ رأسَ السكِّينِ مِنْ مَوضعٍ آخَرَ فهيَ مُوضِحتانِ، فإنْ هشَمَه هاشِمةً لها مَخرجانِ فهي هاشِمتانِ، وكذلكَ ما أشبَهَه (١).

النَّوعُ الثاني: القِصاصُ في الأطرافِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على جَرَيانِ القِصاصِ في الأطرافِ -كما تَقدَّمَ-، فيَجبُ القِصاصُ في كلِّ ما يَنتهي منها إلى مَفصلٍ، وبَيانُ ذلكَ فيما يلي:

القِصاصُ في العَينِ:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على جَرَيانِ القِصاصِ في العَينِ في العَمدِ، فتُؤخذُ العَينُ بالعَينِ، فإذا جَنَى شَخصٌ على آخَرَ فأذهَبَ عيْنَه فإنَّ القِصاصَ واجِبٌ للمَجنيِّ عليهِ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ﴾ [المائدة: ٤٥].

قالَ الإمامُ ابنُ هُبيرةَ : وأجمَعُوا على أنَّ العينَ بالعَينِ … وأجمَعُوا على أنَّ في العَينينِ الدِّيةَ كامِلةً … واختَلفُوا في العينِ القائِمةِ التي لا يُبصرُ بها، واليَدِّ الشلَّاءِ، ولِسانِ الأخرَسِ، والذَّكرِ الأشلِّ، والسنِّ السَّوداءِ، فقالَ مالكٌ وأبو حَنيفةَ والشافِعيُّ في أحَدِ قَوليهِ: فيها حُكومةٌ، وعن الشافِعيِّ قَولٌ في ذَكرِ الخَصيِّ والعِنينِ إذا قُطعَ الديَةُ كامِلةٌ، ذكَرَه الشاشيُّ، وعن أحمَدَ


(١) «المغني» (٨/ ٣٧٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>