التَّصرفُ في الوَديعةِ ببَيعٍ أو إِجارةٍ أو إِعارةٍ:
التَّصرفُ في الوَديعةِ هو كلُّ عَقدٍ يُنشئُه المُودَعُ ويَكونُ مَحلُّه الوَديعةُ التي عندَه، مثلُ أنْ يَبيعَ الوَديعةَ أو يُؤجرَها أو يُقرضَها أو يُعيرَها أو يَرهنَها، ونحوُ ذلك مما يُعدُّ تَصرفًا.
وهذا التَّصرُّفُ مِنْ المُودَعِ لا يَخلو مِنْ حالتَينِ:
الحالَةُ الأُولى: أنْ يَكونَ بإِذنٍ مِنْ ربِّ الوَديعةِ: فيَصحُّ باتِّفاقٍ، ويَكونُ المُودَعُ في هذه الحالَةِ وَكيلًا عن ربِّ الوَديعةِ، وتَجري عليه أَحكامُ الوِكالةِ، ولا ضَمانَ عليه؛ لأنَّه وَكيلُ ربِّ الوَديعةِ ونائِبُه في التَّصرفِ المَأذونِ له فيه شَرعًا.
الحالَةُ الثانِيةُ: أنْ يَتصرَّفَ فيها ببَيعٍ أو إِجارةٍ أو غَيرِها بغَيرِ إِذنِ ربِّ الوَديعةِ، فهو في هذه الحالَةِ مُتعدٍّ وضامِنٌ لها.
قالَ ابنُ نُجيمٍ الحَنفيُّ ﵀: الوَديعةُ لا تُودَعُ ولا تُعارُ ولا تُؤاجرُ ولا تُرهنُ، فإنْ فعَلَ شَيئًا منها ضمِنَ (١).
قالَ الحَنفيةُ: وإنما لمْ يَكنْ للمُودَعِ أنْ يُؤجرَها لأنَّ الإِجارةَ عَقدٌ لازمٌ، والإِيداعُ عَقدٌ جائِزٌ، فإذا كانَ المُستودَعُ مالِكًا الإِجارةَ فإما أنْ يَحصلَ لُزومُ ما لا يَلزمُ -أي أنَّ ذلك يُوجبُ لُزومَ عَقدِ الوَديعةِ معَ كَونِها غيرَ
(١) «البحر الرائق» (٧/ ٢٧٥)، و «مجمع الضمانات» (١/ ١٩٤)، و «ابن عابدين» (٨/ ٣٣٧)، و «الفتاوى الهندية» (٤/ ٣٣٨).