طلَّقْتُ فُلانةَ بنتَ فلانٍ -يَعني زَوجتَه المَخصوصةَ- بالثَّلاثِ على أربعِ مَذاهبِ المُسلِمينَ، كلَّمَا حلَّتْ تَحرُمُ»؛ فهل لا يَقعُ طلاقُه؟
(الجَوابُ): الدَّهشُ هوَ ذَهابُ العَقلِ مِنْ ذَهْلٍ أو وَلَهٍ، وقدْ صرَّحَ في «التَّنوِير» و «التَّتارخانيَّة» وغَيرِهِما بعَدمِ وُقوعِ طلاقِ المَدهوشِ، فعلى هذا حَيثُ حصَلَ للرَّجلِ دَهشٌ زالَ بهِ عَقلُه وصارَ لا شُعورَ لهُ لا يَقعُ طلاقُه، والقَولُ قَولُه بيَمينِهِ إنْ عُرِفَ منهُ الدَّهشُ، وإنْ لَم يُعرَفْ منهُ لا يُقبَلُ قَولُه قَضاءً إلَّا ببيِّنةٍ، كما صرَّحَ بذلكَ عُلماءُ الحَنفيَّةِ رَحِمَهُم اللهُ تعالَى (١).
المسألة الثالثة عشر: طلاق المكرَه:
اختَلفَ أهلُ العِلمِ فيمَن أُكرِهَ على طَلاقِ زَوجتِه فطلَّقَها، هَلْ يَقعُ طَلاقُه أم لا؟
فذهَبَ الحَنفيَّةُ إلى أنَّ مَنْ أُكرِهَ على طلاقِ زَوجتِه فإنَّ طلاقَهُ يَقعُ، ولا عِبرةَ بالإكراهِ؛ لعُمومِ قَولِ اللهِ تعالَى: ﴿فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ﴾ ولم يُفرِّقْ بيْنَ طلاقِ المُكرَهِ والطَّائعِ، وقَولِه تعالَى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ فأثبَتَ الرَّجعَةَ عَقِيبَ التَّطليقتَينِ ولَم يُفصِّلْ، وقالَ النَّبيُّ ﷺ: «كلُّ طلاقٍ جائزٌ إلَّا طلاقَ المَعتوهِ»، فدَخلَ طلاقُ المُكرَهِ في عُمومِ الجَوازِ.
ولأنَّ الفائِتَ بالإكراهِ ليسَ إلَّا الرِّضَا طَبعًا، وأنَّه ليسَ بشَرطٍ لوُقوعِ
(١) «تنقيح الفتاوى الحامدية» (١/ ٢٧٢).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute