والضَّربُ الثانِي: مُختلَفٌ فيه: وهو أنْ يَقتلَه بجُرحٍ صَغيرٍ أو بغَرزِ إبرةٍ:
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو جرَحَ إنسانًا جُرحًا صَغيرًا كشَرطةِ الحجَّامِ أو غَرزةٍ بإبرةٍ أو شَوكةٍ ونَحوِها مِنْ كلِّ مُحدَّدٍ، فهذا لا يَخلو مِنْ حالتَينِ:
الحالَةُ الأُولى: أنْ يَجرحَه في مَقتلٍ كالعَينِ والفُؤادِ والخاصِرةِ والصَّدغِ وأصلِ الأُذنِ والخِصيتينِ، فماتَ فهو عَمدٌ عندَ جُمهورِ الفُقهاءِ الحَنفيةِ في المَذهبِ والشافِعيةِ والحَنبليةِ؛ لأنَّ الإصابةَ بذلكَ في المَقتلِ كالجَرحِ بالسِّكينِ في غيرِ المَقتلِ.
وفي رِوايةٍ عن أبي حَنفيةَ أنه لو ضرَبَ رَجلًا بإبرةٍ وما يُشبهُ الإبرةَ عَمدًا فماتَ فلا قوَدَ عليهِ، وفي المِسلَّةِ القَودُ؛ لأنَّ الإبرةَ لا يُقصدُ بها القَتلُ عادَةً ويُقصَدُ بالمِسلةِ.
وفي رِوايةٍ: إنْ غرَزَ بالإبرةِ في المَقتلِ قُتلَ، وإلا فَلا.
الحالةُ الثانِيةُ: أنْ يَجرحَه في غيرِ مَقتلٍ، فهذا فيه خِلافٌ وتَفصيلٌ:
قالَ الحَنفيةُ في المَذهبِ: إنْ جرَحَه في غيرِ مَقتلٍ بالإبرةِ مَثلًا فلا قِصاصَ فيه.