وعندَ مالِكٍ أنَّه إذا صَحَّ أنَّه دلَّس بالعَيبِ وجَب عليه الرَّدُّ مِنْ غيرِ أنْ يَدفَعَ إليه المُشتَري قيمةَ العَيبِ الذي حدَث عندَه؛ فإنْ ماتَ بسَبَبِ ذلك العَيبِ كانَ ضَمانُه على البائِعِ بخِلافِ الذي لَم يَثبُتْ أنَّه دلَّس فيه.
وأمَّا حُجَّةُ أبي مُحمَّدٍ فلأنَّه أمرٌ حدَث مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ﷾، كما لو حدَث في مِلكِ البائِعِ، فإنَّ الرَّدَّ بالعَيبِ دالٌّ على أنَّ البَيعَ لَم يَنعقِدْ في نَفْسِه، وإنَّما انعقَد في الظَّاهِرِ، وأيضًا فلا كِتابَ ولا سُنَّةَ يُوجِبانِ على مُكلَّفٍ غُرمًا ما لَم يَكُنْ له تَأثيرٌ في نَقصِه، إلَّا أنْ يَكونَ على جِهةِ التَّغليظِ عندَ مَنْ ضَمَّنَ الغاصِبَ ما نقَص عندَه بأمرٍ مِنْ اللَّهِ ﷾، فهذا حُكمُ العُيوبِ الحادِثةِ في البَدَنِ (١).
لو عَلِمَ بالعَيبِ بعدَ زَوالِ مِلكِه عنه أو هَلاكِه:
اختلَف الفُقهاءُ فيمَنِ اشتَرَى شَيئًا ثم زالَ مِلكُه عنه إلى غيرِه أو هلَك ثم عَلِمَ بعَيبٍ كانَ به، هل له أنْ يَأخُذَ أرشَ العَيبِ أو ليسَ له شَيءٌ؟ على تَفصيلٍ في كلِّ مَذهبٍ:
قالَ الحَنفيَّةُ: إذا هلَك المَبيعُ عندَ المُشتَري ثم اطَّلَعَ على عَيبٍ فيه رجَع بنُقصانِ العَيبِ سَواءٌ كانَ بعدَ العِلمِ به أو قبلَه، وكذا إذا تَغيَّرتْ صورةُ المَبيعِ بحيثُ أصبَحَ له اسمٌ جَديدٌ، بأنْ قطَع المُشتَري الثَّوبَ وخاطَه بعدَ أنْ كانَ قَمَّاشًا أو طَحَنَ الحِنطةَ بعدَ كَونِها حَبًّا، ثم صارَتْ دَقيقًا، ثم اطَّلَعَ على عَيبٍ رجَع بنُقصانِه.