للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أتُفسِدُ على أحَدٍ مِنْ الرِّجالِ صَلاتَه في قولِ مالِكٍ؟ قالَ: لا أرَى أن تُفسِدَ على أحَدٍ مِنْ الرِّجالِ، ولا على نَفسِها. (قالَ) وسألتُ مالِكًا عن قَومٍ أتَوُا المَسجدَ فوَجَدوا الرَّحَبةَ، رَحَبةَ المَسجدِ، قدِ امتَلَأت مِنْ النِّساءِ، وقدِ امتَلَأَ المَسجدُ مِنْ الرِّجالِ، فصلَّى الرِّجالُ خلفَ النِّساءِ لِصَلاةِ الإمامِ، (قالَ) صَلاتُهم تَامَّةٌ ولا يُعيدونَ. (قالَ ابنُ القاسِمِ): فهذا أشَدُّ مِنْ الذي يُصلِّي في وَسَطِ النِّساءِ (١).

صَلاةُ المُنفرِدِ خلفَ الصَّفِّ:

الأصلُ في صَلاةِ الجَماعةِ أن يَكونَ المَأمُومونَ صُفوفًا مُتراصَّةً، إلا أنَّ العُلماءَ اختَلَفوا فيما لو صلَّى إنسانٌ خلفَ الصَّفِّ وَحدَه، هل تَصحُّ صَلاتُه أو لا؟

فذَهب جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ والشافِعيَّةُ إلى صحَّةِ صَلاتِه مع الكَراهةِ؛ لمَا رُويَ أنَّ أبا بَكرةَ انتَهى إلى النَّبيِّ وهو رَاكِعٌ، فَرَكَعَ قبلَ أَنْ يَصلَ إلى الصَّفِّ، فذكرَ ذلك لِلنَّبِيِّ ، فقالَ: «زادَكَ اللهُ حِرصًا، ولا تَعُد» (٢)، فقد جوَّز اقتِداءَه به خلفَ الصَّفِّ، ولم يَأمُره بالإعادةِ، وإذا جازَ الرُّكوعُ خلفَ الصَّفِّ وَحدَه أجزَأَ ذلك عنه، فكَذلك سائِرُ صَلاتِه؛ لأنَّ الرُّكوعَ مِنْ أركانِها، فإذا جازَ لِلمُصلِّي أن يَركَعَ خلفَ الصَّفِّ وَحدَه، جازَ أن يَسجُدَ، وأن يُتمَّ صَلاتَه، والدَّليلُ عليه أيضًا أَنَّه


(١) «المُدوَّنة الكبرى» (١/ ١٠٦).
(٢) رواه البُخاري (٧٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>