اختَلفَ الفُقهاءُ في الدائنِ إذا سرَقَ مِنْ مالِ مَدينِه، هل يُقطَعُ أم لا؟ وهل يُفرَّقُ بينَ ما إذا سرَقَ مِنْ جنسِ مالِه أم لا؟ على تَفصيلٍ في كلِّ مَذهبٍ.
فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الدائنَ إذا سرَقَ مِنْ الغَريمِ فلا يَخلو: إمَّا أنْ يَكونَ سرَقَ منه مِنْ جِنسِ حقِّه، وإمَّا أنْ يَكونَ سرَقَ منه خِلافَ جنسِ حقِّه.
فإنْ سرَقَ جِنسَ حقِّه بأنْ سرَقَ منه عَشرةَ دَراهمَ وله عليه عَشرةٌ فإنْ كانَ دَينُه عليه حالًّا لا يُقطَعُ؛ لأنَّ الأخذَ مُباحٌ له؛ لأنه ظَفرَ بجِنسِ حقِّه، ومَن له الحَقُّ إذا ظَفرَ بجِنسِ حقِّه يُباحُ له أخذُه، وإذا أخَذَه يَصيرُ مُستوفِيًا حقَّه، وكذلكَ إذا سرَقَ منه أكثَرَ مِنْ مِقدارِ حقِّه؛ لأنَّ بعضَ المأخوذِ حقُّه على الشُّيوعِ ولا قطْعَ فيه، فكذا في الباقي كما إذا سرَقَ مالًا مشتَرَكًا.
وإنْ كانَ دَينُه مُؤجَّلًا فالقِياسُ أنْ يُقطعَ، وفي الاستِحسانِ: لا يُقطَعُ.
وجهُ القياسِ: أنَّ الدَّينَ إذا كانَ مُؤجَّلًا فليسَ له حَقُّ الأخذِ قبلَ حُلولِ الأجَلِ، ألَا تَرى أنَّ للغَريمِ أنْ يَستردَّه منه، فصارَ كما لو سرَقَه أجنَبيٌّ.
(١) «البيان» (١٢/ ٤٧٠، ٤٧١)، و «النجم الوهاج» (٩/ ١٦٠)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٦٦).