اختَلفَ الفُقهاءُ في الدَّينِ إذا كانَ على مَليءٍ مُقرٍّ به باذِلٍ له هل تَجبُ عليه الزَّكاةُ؛ لأنَّه المالِكُ أو لا تَجبُ عليه وتَجبُ على المَدينِ؛ لأنَّه المُتصرِّفُ فيه والمُنتفِعُ به، أو لا تَجبُ على واحِدٍ منهما؛ لأنَّ المالِكَ يدُه ليسَت عليه، والمَدينَ -وإنْ كانَت يَدُه عليه- غيرُ مالِكٍ له.
ثم إذا وجَبَت عليه هل تَجبُ لكلِّ عامٍ أو لِعامٍ واحِدٍ فقط بعدَ قَبضِها؟
في ذلك أربَعةُ أَقوالٍ للعُلماءِ:
القَولُ الأولُ: أنَّ الدَّينَ إذا كانَ على مَليءٍ مُقرٍّ به باذِلٍ له وجَبَ عليه الزَّكاةُ لما مَضى من السِّنينَ إذا قبَضَ المالَ، ولا يَجبُ عليه إِخراجُ الزَّكاةِ حتى يَقبِضَ الدَّينَ، فإذا قبَضَه وجَبَ عليه أنْ يُؤدِّيَ زَكاةَ ما مَضى من السِّنينَ، وهو مَذهبُ الحَنفيةِ والحَنابِلةِ في المَذهبِ، وهو قَولُ سَيِّدنا علِيٍّ ﵁ والثَّوريِّ والأَوزاعيِّ وأبي ثَورٍ وابنِ عبدِ البَرِّ من المالِكيةِ، واستدلُّوا على وُجوبِه عليه وأنَّه يُزكِّيه لِما مَضى؛ بأنَّه مَملوكٌ له يَقدِرُ على الانتِفاعِ به، فلزِمَته زَكاتُه كسائِرِ أَموالِه.
واستدلُّوا على عَدمِ وُجوبِه حتى يَقبِضَه بما يلي:
١ - أنَّه دَينٌ ثابِتٌ في الذِّمةِ فلا يَلزمُه الإِخراجُ قبلَ قَبضِه كما لو كانَ على مُعسِرٍ.