للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة السادسةُ: الزَّكاةُ في مالِ الأسيرِ والمسجونِ ونَحوهما:

إذا أُسرَ رَبُّ المالِ أو سُجنَ وحِيلَ بينَه وبينَ التَّصرُّفِ في مالِه والانتِفاعِ به، هل تَجبُ في مالِه الزَّكاةُ أو لا؟

فذهَبَ الشافِعيةُ في الصَّحيحِ عندَهم والحَنابِلةُ إلى وُجوبِ الزَّكاةِ عليه؛ لأنَّ تَصرُّفَه في مالِه نافِذٌ، يَصحُّ بَيعُه ممَّن شاءَ وهِبَتُه وتَوكيلُه فيه، وسَواءٌ كانَ أسيرًا أو مَسجونًا عندَ كُفارٍ أو مُسلِمينَ (١).

وأمَّا عندَ المالِكيةِ فإنَّ كَونَ الرَّجلِ مَفقودًا أو أسيرًا يُسقِطُ الزَّكاةَ في حَقِّه من أَموالِه الباطِنةِ؛ لأنَّه بذلك يَكونُ مَغلوبًا على عَدمِ التَّنميةِ، فيَكونُ مالُه حينَئذٍ كالمالِ الضائِعِ، ولذا يُزكِّيها إذا أُطلِقَ لسَنةٍ واحِدةٍ كالأَموالِ الضائِعةِ.

وفي قَولِ الجهوريِّ والزَّرقانِيِّ: لا زَكاةَ عليه فيها أصلًا.

وفي قَولِ البَنانِيِّ: لا تَسقُطُ الزَّكاةُ عن الأَسيرِ والمَفقودِ، بل تَجبُ الزَّكاةُ عليهما كلَّ عامٍ، لكنْ لا يَجبُ الإِخراجُ من مالِهما، بل يَتوقَّفُ مَخافةَ حُدوثِ المَوتِ.

أمَّا المالُ الظاهِرُ فقد اتَّفقَت كَلمةُ المالِكيةِ على أنَّ الفَقدَ والأسرَ لا يُسقِطانِ زَكاتَه؛ لأنَّهما مَحمولانِ على الحَياةِ، ويَجوزُ أخذُ الزَّكاةِ من مالِهما الظاهِرِ وتُجزِئُ، ولا يَضُرُّ عَدمُ النِّيةِ؛ لأنَّ نيَّةَ المُخرِجِ تَقومُ مَقامَ نيَّتِه (٢).

ولم أجِدْ لِلحَنفيةِ في ذلك كَلامًا.


(١) «المجموع» (٦/ ٤٧٩، ٤٨٢)، و «المغني» (٤/ ٢٦).
(٢) «حاشية الدسوقي» (١/ ٤٨٠، ٤٨١)، و «شرح مختصر خليل» (٢/ ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>