اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو خرَجَ شَيءٌ من النَّجاساتِ من سائِرِ البَدنِ غيرِ السَّبيلَينِ كالجُرحِ والفِصادِ والحِجامةِ والرُّعافِ والقَيءِ والدَّمِ هل يَنتقِضُ وُضوؤُه أو لا؟
فذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ النَّجاساتِ الخارجةَ من غيرِ السَّبيلَينِ من أيِّ مَوضِعٍ كانَ ناقِضةٌ للوُضوءِ، لكنَّ الإمامَ أحمدَ ﵀ قالَ: إذا كانَ الخارِجُ فاحِشًا كَثيرًا، أمَّا إذا كانَ الخارِجُ يَسيرًا فعلى رِوايَتينِ:
إحداهُما: يَنقُضُ.
والأُخرى: لا يَنقُضُ، وهي الصَّوابُ.
قالَ البُهوتيُّ: وأمَّا كَونُ القَليلِ من ذلك لا يَنقُضُ فلمَفهومِ قَولِ ابنِ عَباسٍ في الدَّمِ: إنْ كانَ فاحِشًا فعليه الإعادةُ، قالَ أحمدُ: عِدةٌ من الصَّحابةِ تَكلَّموا فيه، وابنُ عُمرَ عصَرَ بَثرةً فخرَجَ الدَّمُ فصَلَّى ولم يَتوضَّأْ، وابنُ أبي أوْفَى عصَرَ دُمَّلًا، وذكَرَ غيرَهما ولم يُعلَمْ لهم مُخالِفٌ من الصَّحابةِ، فكانَ إِجماعًا (١).
(١) «كشاف القناع» (١/ ١٢٤)، و «بدائع الصنائع» (١/ ١٠١)، و «الهداية» (١/ ١٤)، و «البحر الرائق» (١/ ٣٣)، و «رد المحتار» (١/ ٢٦٠، ٢٦١)، و «التلقين» (١/ ٤٧)، و «حاشية الدسوقي» (١/ ١٩٠)، و «بلغة السالك» (١/ ٩٤)، و «كفاية الأخيار» ص (٧٦)، و «المغني» (١/ ٢٢٠)، و «التحقيق» (١/ ١٤٣)، و «نيل الأوطار» (١/ ٢٣٥)، و «منار السبيل» (١/ ٤٤)، و «عون المعبود» (١/ ٢٣١)