للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطُ الثانِي: ألَّا يَكونَ المُقَرُّ به مِلكًا للمُقِرِّ به:

اشتَرطَ فُقهاءُ الشافِعيةِ في المُقرِّ به، وهو كُلُّ ما جازَت المُطالَبةُ به ألَّا يَكونَ مِلكًا للمُقِرِّ حينَ يُقِرُّ به؛ لأنَّ الإِقرارَ ليسَ إِزالةً عن المِلكِ، وإنَّما هو إِخبارٌ عن كَونِه مَملوكًا للمُقَرِّ له، فلا بدَّ مِنْ تَقديمِ المُخبَرِ عنه على الخبَرِ، فلو قالَ: «داري أو ثَوبي أو دَيني الذي على زَيدٍ لعَمرٍو» فهو لَغوٌ؛ لأنَّ الإِضافةَ إليه تَقتَضي المِلكَ له فيُنافي إِقرارَه لغَيرِه؛ إذ هو إِخبارٌ بحَقٍّ سابِقٍ فحُملَ على الوَعدِ والهِبةِ.

ولو قالَ: «الدارُ التي اشتَرَيتُها لنَفسي أو وَرِثتُها مِنْ أبي مِلكٌ لزَيدٍ» لم يَصحَّ أيضًا، إلا أنْ يُريدَ الإِقرارَ فيَصِحَّ، وكذا لو قالَ: داري لفُلانٍ، وأرادَ الإِقرارَ؛ لأنَّه أرادَ بالإِضافةِ إِضافةَ سُكنى ذلك، ذكَرَ ذلك البَغويُّ في فَتاويه.

قالَ الأَذرعيُّ بعدَ نَقلِه كَلامَ البَغويِّ: ويَتَّجِهُ أن يَستَفسِرَ عندَ إِطلاقِه، ويُعمَلَ بقَولِه بخِلافِ قَولِه: «دارِي التي هي مِلكي له»، للتَّناقُضِ الصَّريحِ.

ولو قالَ: «الدَّينُ الذي كَتَبتُه على زَيدٍ لعَمرٍو»، صَحَّ، لاحتِمالِ أنَّه وَكيلٌ، فلو طالَبَ عَمرٌو زَيدًا فأنكَرَ فإنْ شاءَ عَمرٌو أقامَ بيِّنةً بإِقرارِ المُقِرِّ أنَّ الدَّينَ الذي كتَبَه على زَيدٍ له ثم يُقيمُ بيِّنةً عليه بالمُقَرِّ به وإنْ شاءَ أقامَ بيِّنةً بالمُقَرِّ به ثم بيِّنةً بالإِقرارِ.

وليَكُنِ المُقَرُّ به مِنْ الأعيانِ في يَدِ المُقِرِّ حِسًّا أو شَرعًا ليُسلِّمَ بالإِقرارِ

<<  <  ج: ص:  >  >>