للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَقلُ الزَّكاةِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على جَوازِ نَقلِ الزَّكاةِ من بَلدٍ إلى آخَرَ إذا فاضَت واستَغنى أهلُها عنها؛ لكَثرةِ مالِ الزَّكاةِ، أو لانعِدامِ الأَصنافِ أو لقِلةِ عَددِها، بل قالوا: يَجبُ.

إلا أنَّهم قد اختلَفوا في نَقلِها من بَلدٍ إلى بَلدٍ عِنْدَ عَدمِ الاستِغناءِ.

فيَرى الحَنفيةُ أنَّه يُكرهُ تَنزيهًا نَقلُ الزَّكاةِ من بَلدٍ إلى بَلدٍ إلا أنْ يَنقُلَها إلى قَرابةٍ مُحتاجينَ؛ لِما في ذلك مِنْ صِلةِ الرَّحمِ … أو إلى فَردٍ أو جَماعةٍ هُمْ أمسُّ حاجةً من أهلِ بَلدِه … أو كانَ نَقلُها أصلَحَ للمُسلِمينَ، أو مِنْ دارِ الحَربِ إلى دارِ الإِسلامِ؛ لأنَّ فُقراءَ المُسلِمينَ أفضَلُ وأَوْلى بالمَعونةِ من فُقراءِ دارِ الحَربِ، أو إلى عالِمٍ أو طالِبِ عِلمٍ، لِما فيه من إِعانةٍ على رِسالتِه، أو كانَ نَقلُها إلى مَنْ هو أورَعُ أو أصلَحُ أو أنفَعُ للمُسلِمينَ، أو كانَت الزَّكاةُ مُعجَّلةً قبلَ تَمامِ الحَولِ؛ فإنَّه في هذه الصُّورِ جَميعًا لا يُكرهُ له النَّقلُ (١).

وقالَ المالِكيةُ: يَجبُ تَفرِقةُ الزَّكاةِ بمَوضعِ الوُجوبِ أو قُربِه، وهو ما دونَ مَسافةِ القَصرِ؛ لأنَّه في حُكمِ مَوضِعِ الوُجوبِ.


= ومُحاسَبةُ الحُكومةِ على أعمالِها العامَّةِ مما تَشهَدُ به أُصولُ الإسلامِ وتَقضي به المَصلَحةُ الاجتِماعيَّةِ، التي يَضعُها الدِّينُ في المَكانِ الأولِ. اه «الفتاوى» (١٦٦، ١١٨).
(١) «الدر المختار وحاشية ابن عابدين عليه» (٢/ ٦٨، ٦٩)، و «فتح القدير» (٢/ ٢٨)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ١٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>