اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو جَحَدَ الوَكيلُ أوِ المُوكِّلُ الوَكالةَ، أو المُوكِّلُ الوَكالةَ، هَلْ تَبطُلُ الوَكالةُ أو لا؟
ذهَب الحَنفيَّةُ في الصَّحيحِ والشَّافِعيَّةُ في قَولٍ إلى أنَّ إنكارَ الوَكيلِ أوِ المُوكِّلِ الوَكالةَ عَزْلٌ.
وقالَ الحَنفيَّةُ في الصَّحيحِ عندَهُم: جُحودُ الوَكالةِ عَزلٌ؛ لأنَّ جَحودَ، ما عَدا النِّكاحَ، ففَسخٌ، وعليه إذا أنكَرَ المُوكِّلُ الوَكالةَ قائِلًا: إنَّني لَم أُوكِّلْكَ، يَكونُ قَدْ عزَل وَكِيلَه على القَولِ الصَّحيحِ.
وفي مُقابِلِ الصَّحيحِ عندَهم: لا يَنعزِلُ بالجُحودِ؛ فإذا قالَ المُوكِّلُ: لَم أُوكِّلْكَ، لا يَكونُ عَزلًا، إلَّا أنْ يَقولَ: واللَّهِ لا أُوكِّلُكَ بشَيءٍ، فقَد عَرَفتُ تَهاوُنَكَ، فيُعزَلَ (١).
وقالَ الشَّافِعيَّةُ في المَذهبِ: إنكارُ الوَكيلِ الوَكالةَ لِنِسيانٍ لها، أو لِغَرَضٍ له في الإخفاءِ، كَخَوفِ أخْذِ ظالِمٍ المالَ المُوكَّلَ فيه، ليسَ بعَزلٍ، لِعُذرِه، ولأنَّه لَم يَأتِ بلَفظٍ يَدُلُّ على العَزلِ، فكانَ كما لو قيلَ له: ألكَ زَوجةٌ؟ فقالَ: لا؛ فإنَّ زَوجَتَه لا تُطلَّقُ؛ فَإنْ تَعَمَّدَ إنكارَها ولا غَرَضَ له فيه، انعزَل بذلك؛ لأنَّ الجَحْدَ حينَئذٍ رَدٌّ لها، ولأنَّ المُوكِّلَ في إنكارِها كالوَكيلِ في ذلك.
(١) «البحر الرائق» (٧/ ١٨٧)، و «مجمع الأنهر» (٣/ ٣٣٩)، و «ابن عابدين» (٧/ ٣٨٧)، و «درر الحكام» (٣/ ٦٥٧).