فيه، ونَحوَ هذا قالَ الأَوزاعيُّ والشافِعيُّ، وإنْ كانَ ممَّن ضلَّ الطَّريقَ أو حَملتْه الرِّيحُ في المَركَبِ إلينا فهو لمَن أخَذَه في إحدى الرِّوايتَينِ، والأُخرى يَكونُ فَيئًا (١).
إذا دخَلَ المُسلِمُ دارَ العَدوِّ بأمانٍ:
لا خِلافَ بينَ العُلماءِ في أنَّ المُسلِمَ إذا دخَلَ بِلادَ الكُفارِ بأمانٍ ولم يَكنْ أسيرًا ولم يَخُنْه مَلِكُهم لا يَحِلُّ له أنْ يَتعرَّضَ لشَيءٍ من أموالِهم ولا من دِمائِهم ولا فُروجِهم؛ لأنَّه ضمِنَ ألَّا يَتعرَّضَ لهم بالاستِئمانِ، فالتَّعرُّضُ بعدَ ذلك يَكونُ غَدرًا والغَدرُ حَرامٌ بالإجماعِ؛ إذِ المُسلِمونَ عندَ شُروطِهم، وإليكَ نُصوصَ العُلماءِ في ذلك:
قالَ الحَنفيةُ: وإذا دخَلَ المُسلِمُ دارَ الحَربِ بأمانٍ فلا يَحِلُّ له أنْ يَتعرَّضَ لشَيءٍ من أموالِهم ولا من دِمائِهم ولا فُروجِهم؛ لأنَّه ضمِنَ ألَّا يَتعرَّضَ لهم بالاستِئمانِ، فالتَّعرُّضُ بعدَ ذلك يَكونُ غَدرًا، والغَدرُ حَرامٌ بالإجماعِ؛ إذِ المُسلِمونَ عندَ شُروطِهم، إلا إذا غدَرَ بهم مَلِكُهم فأخَذَ أموالَهم أو حبَسَهم أو فعَلَ غيرُه بعِلمِ المَلكِ ولم يَمنعْه؛ لأنَّهم هُمْ الذين نقَضُوا العَهدَ …
فإنْ غدَرَ بهم المُسلِمُ الذي دخَلَ بأمانٍ فأخَذَ شَيئًا وخرَجَ به ملَكَه مِلكًا مَحظورًا حَرامًا للغَدرِ لوُرودِ الاستِيلاءِ على مالٍ مُباحٍ إلا أنَّه حصَلَ بسَببِ الغَدرِ فأوجَبَ ذلك خُبثًا فيه فيُؤمَرُ بالتَّصدُّقِ به وُجوبًا، وهذا لأنَّ الحَظرَ لغيرِه لا يَمنعُ انعِقادَ السَّببِ على ما بيَّنَّاه.
(١) «المغني» (٩/ ١٩٩)، و «الإنصاف» (٤/ ٢٠٧)، و «المبدع» (٣/ ٣٩٤).