للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسلامُ فاعِلِه ممَّا لا يَتعَدَّى نَفْعُه فاعِلَه، كالصَّلاةِ والصِّيامِ، لا يَجوزُ أخْذُ الجُعلِ عليه؛ فإنْ كانَ يَتعَدَّى نَفْعُه، كالأذانِ والإقامةِ والحَجِّ، ففيه وَجهانِ، كالرِّوايَتَيْنِ في الإجارةِ، أصَحُّهما أنَّه يَجوزُ أخْذُ الجُعلِ عليه (١).

وقالَ الشَّافِعيَّةُ: يُشترَطُ في العَملِ المَعقودِ عليه ألَّا يَكونَ مُتعيَّنًا على العامِلِ، فدخَل نَحوُ مُداوةٍ ورُقيَةٍ وتَخليصٍ مِنْ نحوِ حَبسٍ وقَضاءِ حاجةٍ، ودَفعِ ظالِمٍ، وإنْ تَعيَّن؛ لأنَّه عارِضٌ (٢).

ولو قالَ: مَنْ رَدَّ مالي فله كذا، فرَدَّه مَنْ كانَ في يَدِه، نُظر:

إنْ كانَ في رَدِّه كُلفةٌ، كالآبِقِ، استَحقَّ الجُعلَ، وإنْ لَم يَكُنْ، كالدَّراهِمِ والدَّنانيرِ، فلا؛ لأنَّ ما لا كُلفةَ فيه لا يُقابَلُ بالعِوَضِ.

ولو قالَ: مَنْ دَلَّني على مالي فله كذا، فدَلَّه مَنِ المالُ في يَدِه لَم يَستحقَّ شَيئًا؛ لأنَّ ذلك واجِبٌ عليه شَرعًا، فلا يَأخُذُ عليه عِوَضًا.

وإنْ كانَ في يَدِ غيرِه فدَلَّه عليه، استَحقَّ؛ لأنَّ الأغلَبَ أنَّه يَلحَقُه مَشقَّةٌ بالبَحثِ عنه (٣).

رابِعًا: أنْ يَكونَ فيه فائِدةٌ ومَنفعةٌ وكُلفةٌ:

اشترَطَ الفُقهاءُ لِلعَملِ المُجاعَلِ عليه أنْ يَكونَ فيه فائِدةٌ، فلا تَصحُّ الجَعالةُ على مَنْ يَعمَلُ عَملًا عَبَثًا لا فائِدةَ مِنه.


(١) «المغني» (٦/ ٢٢)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٤٨)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٠٩).
(٢) «حاشية قليوبي» (٣/ ٣٢٥).
(٣) «روضة الطالبين» (٤/ ٩٠، ٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>