الحالَةُ الثانِيةُ: أنْ يَخلطَها بما لا يُمكنُ تَميزُها عنه أو يَعسرُ:
إذا خلَطَ المُودَعُ الوَديعةَ بما لا يُمكنُ تَمييزُه عنها، بحَيثُ يَعسرُ تَمييزُ وتَفريقُ أَحدِ المالَينِ عن الآخرِ، فهذا لا يَخلو مِنْ أَحدِ أَمرينِ:
الأَمرُ الأَولُ: أنْ يَفعلَ ذلك بإِذنِ ربِّ الوَديعةِ:
إذا خلَطَ الوَديعةَ بما لمْ تَتميزْ منه مِنْ مالِه أو مالِ غيرِه فقد نصَّ الحَنابِلةُ أنَّه لا ضَمانَ عليه، سَواءٌ خلَطَها بمالِه أو بمالِ غيرِه؛ لأنَّه فعَلَ ما أُمرَ به مِنْ ربِّها، فكانَ نائبًا عن المالِكِ فيه.
قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وقد نقَلَ مُهنَّا عن أَحمدَ في رَجلٍ استُودِعَ عَشرةَ دَراهمَ واستودَعَه آخرُ عَشرةً وأمَرَه أنْ يَخلطَها فخلَطَها فضاعَت الدَّراهمُ فلا شَيءَ عليه، فإنْ أمَرَه أَحدُهما بخَلطِ دَراهمِه ولمْ يَأمرْه الآخرُ فعليه ضَمانُ دَراهمِ مَنْ لمْ يَأمرْه دونُ الأُخرى (١).
الأَمرُ الثانِي: أنْ يَخلطَ الوَديعةَ بما لا يُمكنُ تَمييزُها عنه بغيرِ إِذنِ ربِّ الوَديعةِ:
وهذا له صُورٌ مُتعدِّدةٌ بَيانُها فيما يلي:
أ- خَلطُ الوَديعِ الوَديعةَ بمالِه أو بمالِ غيرِه:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ المُودَعَ إذا خلَطَ الوَديعةَ بما هو غيرُ مُماثلٍ لها جِنسًا أو صِفةً مِنْ مالِه أو مِنْ مالِ غيرِه -كخَلطِ القَمحِ بالشَّعيرِ ونحوِه- أنَّه