للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنابلةُ في قولٍ إلى أنَّ مُؤنةَ الردِّ على المُعيرِ، قالَ المِرداويُّ: وقيلَ مُؤنةُ ردِّها على المالكِ، ذكَرَه في القاعدةِ الثامنةِ والثَّلاثينَ (١).

إذا طلَبَ المُعيرُ العارِيةَ فلَم يَردَّها:

العارِيةُ -كما تَقدَّمَ- مَضمونةٌ عندَ الشافِعيةِ والحَنابلةِ مُطلَقًا، وعندَ الحَنفيةِ أَمانةٌ، والمالِكيةُ يُفرِّقونَ بينَ ما يَغيبُ عليه وما لا يَغيبُ عليه، فإذا طلَبَ المُعيرُ مِنْ المُستَعيرِ ردَّ العارِيةِ فمنَعَه فمَذهبُ الشافِعيةِ والحَنابلةِ القَطعُ بالضَّمانِ؛ لأنَّها مَضمونةٌ في الأصلِ عندَهم.

وأما الحَنفيةُ الذينَ قالوا إنَّها أَمانةٌ فقالوا: إذا طلَبَ المُعيرُ العارِيةَ فمنَعَها المُستَعيرُ عنه فهو ضامنٌ وهذا ظاهرٌ، وإنْ لَم يَمنعْه منه ولكنْ قالَ لصاحبِه: دَعْه عندِي إلى غدٍ ثُم أَردُّ عليك فرضِيَ بذلك ثُم ضاعَ لا ضَمانَ عليه؛ لأنَّه أعارَه مَرةً أُخرى؛ هكذا ذكَرَ المسألةَ في «الأصل»، وذكَرَ في «فتاوى أبي الليث» هذه المَسألةَ في صورةٍ أُخرى، فقالَ:

إذا قالَ المُستَعيرُ: نَعم أَدفعُ، وفرَّطَ في الدَّفعِ حتى مَضى شَهرٌ، ثم سُرقَ مِنْ المُستُعيرِ؛ جعَلَها على وَجهينِ:

الأولُ: أنْ يَكونَ المُستَعيرُ عاجزًا عن الردِّ وقتَ الطَّلبِ، وفي هذا الوَجهِ لا ضَمانَ.


(١) «الإنصاف» (٦/ ١١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>