للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما تَقعُ به الرِّدةُ ويَحصلُ به الكُفرُ بعدَ الإيمانِ:

قَسمَ العُلماءُ الأمورَ التي تَحصلُ بها الردَّةُ إلى أربَعةِ أقسامٍ:

القِسمُ الأولُ: ردَّةٌ في الاعتِقادِ:

اتَّفقَ فُقهاءُ الإسلامِ على أنَّ مَنْ اعتَقدَ الكُفرَ فهو كافِرٌ وإنْ لم يَنطقْ به.

قالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : إجماعُهم على أنَّ مَنْ اعتَقدَ الإيمانَ بقَلبِه فهو مُؤمنٌ عندَ اللهِ وإنْ لم يَلفظْ بكَلمةِ التوحيدِ، وأنَّ مَنْ اعتَقدَ الكُفرَ بقلبِه فهو كافرٌ عندَ اللهِ وإنْ لم يَلفظْ بكَلمةِ الكُفرِ (١).

وقالَ الإمامُ علاءُ الدِّينِ البُخاريُّ : لو اعتَقدَ الكفرَ بقلبِه ولم يُقِرَّ بلِسانِه يَكفرُ وتَبِينُ منه امرأتَه فيما بينَه وبينَ ربِّه وكانَ مِنْ أهلِ النارِ (٢).

وقالَ الإمامُ ابنُ القيِّمِ : مَنْ اعتَقدَ الكفرَ بقَلبِه أو شَكَّ فهو كافرٌ؛ لزَوالِ الإيمانِ الذي هو عَقدُ القلبِ مع الإقرارِ، فإذا زالَ العقدُ الجازمُ كانَ نفسُ زوالِه كُفرًا؛ فإنَّ الإيمانَ أمرٌ وُجوديٌّ ثابتٌ قائمٌ بالقَلبِ، فما لم يَقمْ بالقَلبِ حصَلَ ضِدُّه وهو الكفرُ، وهذا كالعِلمِ والجَهلِ إذا فُقدَ العِلمُ حصَلَ الجهلُ، وكذلكَ كلُّ نَقيضَينِ زالَ أحَدُهما خلَفَه الآخرُ (٣).


(١) «البيان والتحصيل» (٣/ ١٨٢).
(٢) «كشف الأسرار» (٤/ ١٩٦).
(٣) «زاد المعاد» (٥/ ٢٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>