للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشَّافعيَّةُ: إن كرَّر الفاتِحةَ مرَّتينِ سَهوًا لم يَضُرَّ، وإن تعمَّد فوَجهَانِ؛ الصَّحيحُ المَنصوصُ: لا تبطُلُ؛ لأنَّه لا يُخِلُّ بصُورةِ الصَّلاةِ، والآخَرُ: تبطُلُ، كتَكرارِ الرُّكوعِ، قالَ النَّوويُّ: المَذهبُ أنَّها لا تبطُلُ (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: يُكرَهُ له تَكرارُ الفاتِحةِ؛ لأنَّه لم يُنقَل عنه ، ولا عن أصحابِه، وخُروجًا من خِلافِ مَنْ أبطَلَها بِه؛ لأنَّها رُكنٌ، والفَرقُ بينَ الرُّكنِ القَوليِّ وَالرُّكنِ الفِعليِّ أنَّ تَكرارَ القَوليِّ لا يُخِلُّ بهَيئةِ الصَّلاةِ.

قالَ في الإنصافِ: هذا المَذهبُ، وعليه جَماهيرُ الأصحابِ، وقطعَ به كَثيرٌ منهم، وقِيلَ: تبطُلُ، وهو رِوايةٌ في الفائِقِ وغيرِه، وأطلَقَهُما في الرِّعايةِ الكُبرَى (٢).

١١ - تَكرارُ رُكنٍ من أركانِها عَمدًا:

اتَّفق الفُقهاءُ على أنَّه متى زادَ فِعلًا مِنْ جِنسِ الصَّلاةِ قِيامًا أو قُعودًا أو رُكوعًا أو سُجودًا عَمدًا بطَلت صَلاتُه، قالَ ابنُ قُدامةَ: الزِّيادةُ في الصَّلاةِ تَنقَسِمُ إلى قِسمَينِ: زِيادةِ أقوالٍ، وزِيادةِ أفعالٍ، وزِيادةُ الأفعالِ تَتنَوَّعُ نَوعَينِ:

أحَدُهما: زِيادةٌ من جِنسِ الصَّلاةِ، مثلَ أن يَقومَ في مَوضِعِ جُلوسٍ، أو يَجلِسَ في مَوضِعِ قِيامٍ، أو يَزيدَ رَكعةً أو رُكنًا، فإن فعلَه عَمدًا بطَلت صَلاتُه إجماعًا، وإن كانَ سَهوًا سجدَ لَه، قَليلًا كانَ أو كَثيرًا؛ لقولِ رَسولِ اللهِ


(١) «المجموع» (٤/ ١٠٢)، و «حاشية قليوبي» (١/ ١٧٣).
(٢) «الإنصاف» (٢/ ٩٩)، و «الفروع» (١/ ٤٢٩)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٢٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>