للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالةُ الثالِثةُ: إذا جُهلَ مِقدارُ السَّقيِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما إنْ جُهلَ مِقدارُ السَّقيِ فلم يُعلَمْ هل سُقيَ سَيحًا أكثَرَ أو بمُؤنةٍ أكثَرَ.

فقال الحَنابِلةُ في المَذهبِ: يَجبُ العُشرُ احتياطيًّا؛ لأنَّ الأصلَ وُجوبُ العُشرِ، وإنَّما يَسقطُ بوُجوبِ الكُلفةِ، فما لم يَتحقَّقِ المُسقِطُ يَبقَ على الأصلِ؛ ولأنَّ الأصلَ عَدمُ الكُلفةِ في الأكثَرِ، فلا يَثبُتُ وُجودُها مع الشَّكِّ فيه (١).

أمَّا الشافِعيةُ؛ فقالَ النَّوويُّ : ولو سُقيَ بماءِ السماءِ والنَّضحِ جَميعًا وجُهلَ المِقدارُ مِنْ كلِّ واحِدٍ منهما، أو عُلمَ أنَّ أحَدَهما أكثَرُ وجُهلَ أيُّهما هو، وجَبَ ثَلاثةُ أرباعِ العُشرِ، هذا هو المَذهبُ وبه قطَعَ المُصنِّفُ وجَماهيرُ الأَصحابِ ونقَلوه عن ابنِ سُريجٍ وأطبَقوا عليه (٢).

ما يُطرحُ من الخارجِ قبلَ أخذِ العُشرِ:

ذهَبَ الحَنفيةُ ومالِكٌ والشافِعيُّ (٣) إلى أنَّ العُشرَ أو نِصفَه على التَّفصيلِ المُتقدِّمِ يُؤخَذُ من كلِّ الخارجِ، فلا يُطرَحُ منه البَذرُ الذي بذَرَه ولا أُجرةُ العُمَّالِ ولا أُجرةُ الحافِظِ والسَّقيِ ونَحوِ ذلك، بل يَجبُ العُشرُ أو نِصفُ


(١) «المغني» (٣/ ٤٧٧)، و «الإنصاف» (٣/ ١٠٠).
(٢) «المجموع» (٧/ ٢٥).
(٣) حكى هذ القول عن الإمام مالك والشافعي ابن حزم في «المحلى» (٥/ ٢٥٨)، وابن قدامة في «المغني» (٤/ ٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>