نصفُ أجرةِ مثلِ تعليمِ ما أَصدَقَها تعليمَه؛ لأنها قد صارَتْ أجنبيةً عنه، فلا يُؤمَنُ في تعليمها الفتنةُ، وعليهِ بطلاقِها قبلَ التعليمِ وبعدَ الدخولِ كلُّ الأجرةِ؛ لاستقرارِ ما أَصدَقَها بالدخولِ، وإنْ كانَ طلَّقَها قبلَ الدخولِ بعد تعليمِه رجعَ عليها بنِصفِ الأُجرةِ؛ لأنَّ الطلاقَ قبلَ الدخولِ يُوجبُ نصفَ الصداقِ، والرجوعُ بنصفِ التعليمِ مُتعذِّرٌ، فوجَبَ الرجوعُ إلى بدلِه وهو الأجرةُ، ولو حصَلَتِ الفُرقةُ مِنْ جهتِها قبلَ الدخولِ وبعدَ التعليمِ رجَعَ عليها بالأجرةِ كاملةً؛ لتعذِّرِ الرُّجوعِ بالتعليمِ (١).
حُكمُ الزِّيادةِ في المَهرِ والحَطِّ منه بعدَ العَقدِ:
ذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ في الجُملةِ إلى أنه يَجوزُ الزيادةُ والحَطُّ مِنَ المَهر بعدَ الفريضةِ؛ لقولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ﴾ [النساء: ٢٤]، وهو عُمومٌ في الزيادةِ والنقصانِ، أي: ما تَراضَيتُم به مِنْ حَطِّ بعضِ الصَّداقِ أو تأخيرِه أو هِبةِ جميعِه أو الإبراءِ منهُ أو الزيادةِ فيه، وهو بالزيادةِ أخَصُّ منه بغيرِها؛ لأنَّه علَّقَه بتَراضيهما، والبَراءةُ والحَطُّ والتأخيرُ لا يَحتاجُ في وقوعِه إلى رِضَى الرجلِ، والزيادةُ لا تَصحُّ إلا بقبولِهما، فلمَّا علَّقَ ذلكَ بتراضيهما جَميعًا دَلَّ على أنَّ المُرادَ الزيادةُ، ولا يَجوزُ الاقتصارُ به على البَراءةِ والحَطِّ والتأجيلِ؛ لأنَّ عُمومَ اللفظِ يقتضي
(١) «المغني» (٧/ ١٦٣، ١٦٤)، و «الإنصاف» (٨/ ٢٣٤)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٤٥، ١٤٥)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٢٣٨)، و «منار السبيل» (٣/ ٧).