للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتَركُ النَّبيِّ هذا الأمرَ الذي كانَ عندَه أفضَلَ الأمرَينِ للمُعارِضِ الرَّاجحِ، وهو حُدثانُ عَهدِ قُريشٍ بالإِسلامِ؛ لمَا في ذلك مِنْ التَّنفيرِ لهم؛ فكانَتِ المَفسَدةُ راجِحةً على المَصلَحةِ … إلخ (١).

هل تَجوزُ الصَّلاةُ أَمامَ الإمامِ لِلزِّحامِ؟

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ صَلاةِ المَأمومِ أمامَ الإمامِ، هل تَصحُّ مُطلَقًا سَواءٌ وُجدَ زِحامٌ أم لم يُوجَدْ؟ أم لا تَصحُّ مُطلَقًا سَواءٌ وُجدَ زِحامٌ أو لم يُوجدْ؟ أم تَصحُّ عندَ وُجودِ الزِّحامِ ولا تَصحُّ إذا لم يُوجَدْ؟

فذهَبَ المالِكيةُ في المَشهورِ إلى جَوازِ صَلاةِ المَأمومِ أمامَ الإمامِ معَ الكَراهةِ مِنْ غيرِ ضَرورةٍ، فإنْ وُجِدتْ ضَرورةٌ كالزِّحامِ جازَ بلا كَراهةٍ.

جاءَ في «الشَّرْح الكَبِير» للدِّرديرِ : (و) كُرِهَتْ للجَماعةِ (صَلاةٌ بينَ الأساطِينِ) أي: الأعمِدةِ، (أو) صَلاةٌ (أمامَ) أي: قُدَّامَ (الإمامِ) أو بمُحاذاتِه (بلا ضَرورةٍ).

قالَ الدُّسوقيُّ في «حاشِيتِه على الشَّرحِ الكَبيرِ»: قولُه: (أو أمامَ الإمامِ) أي: ولو تَقدَّمَ الجَميعَ؛ لأنَّ مُخالَفةَ الرُّتبةِ لا تُفسِدُ الصَّلاةَ، كما لو وقَفَ على يَسارِ الإمامِ فإنَّ صَلاةَ المَأمومِ لا تَبطلُ، ورَأى بعضُهم أنَّ وُقوفَ المَأمومِ أمامَ الإمامِ مِنْ غَيرِ ضَرورةٍ مُبطِلٌ لصَلاتِه، وهو ضَعيفٌ، كما أنَّ القولَ بأنَّه إذا تقدَّمَ جَميعَ المأمومِينَ عليهِ تَبطلُ عليهِ وعَليهِم، وإلا فلا بُطلانَ، كذلكَ


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٤/ ١٩٣، ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>