كما رُويَ عن ابنِ مَسعودٍ أنَّه أتى الجمُعةَ فوجَدَ أربَعةً قد سبَقوه، فقالَ:«رابِعُ أربَعةٍ، وما رابِعُ أربَعةٍ ببَعيدٍ».
إذا ثبَتَ هذا فالأَولى ألَّا تُصلَّى إلا بعدَ الزَّوالِ ليَخرجَ مِنْ الخِلافِ، ويَفعلُها في الوقتِ الذي كانَ النَّبيُّ ﷺ يَفعلُها في أكثرِ أَوقاتِه، ويُعجِّلُها في أوَّلِ وقتِها في الشِّتاءِ والصَّيفِ؛ لأنَّ النَّبيَّ ﷺ كانَ يُعجِّلُها، بدَليلِ الأَخبارِ التي روَيْناها، ولأنَّ الناسَ يَجتمِعونَ لها في أوَّلِ وقتِها يُبكِّرونَ إليها قبلَ وقتِها، فلوِ انتظَرَ الإِبرادَ بها لَشَقَّ على الحاضِرينَ، وإنَّما جُعلَ الإِبرادُ بالظُّهرِ في شدَّةِ الحَرِّ دَفعًا للمَشقَّةِ التي يَحصلُ أعظَمُ منها بالإِبرادِ بالجمُعةِ (١).
شُروطُ وُجوبِ الجمُعةِ:
وهي خَمسةٌ، وذلك بعدَ اعتِبارِ الشُروطِ التي تَتوقَّفُ عليها أهلِيَّةُ التَّكليفِ بصُورةٍ عامَّةٍ مِنْ عَقلٍ وبُلوغٍ.
الأوَّلُ: الإِقامةُ بمِصرٍ: (الاستِيطانُ) اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الجمُعةَ لا تَجبُ على مُسافِرٍ، ثم لا فَرقَ في الإِقامةِ بينَ أن تَكونَ على سَبيلِ الاستِيطانِ، أو دونَ ذلك، فمَن تَجاوَزَت أَيامُ إقامَتِه في بَلدَةٍ ما الفَترةَ
(١) «المغني» (٣/ ٦، ٧)، و «الإنصاف» (٢/ ٢٧٥)، و «كشاف القناع» (٢/ ٢٦)، و «المبدع» (٢/ ١٤٧)، و «شرح منتهى الإرادات» (١/ ٣١٢)، و «الإفصاح» (١/ ٢٤٣)، و «نيل الأوطار» (٤/ ١٣٠، ١٣١)، وفيه كلام مُهمٌّ يَنْصُرُ هذا القولَ.