والدَّليلُ على جوازِ ذَبحِه قولُ اللهِ تَعالى: ﴿وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ﴾ [المائدة: ٥] فكان على عُمومِه في الضَّحايا وغيرِها؛ ولأنَّ كلَّ مَنْ كان من أهلِ الكِتابِ صحَّ أنْ يَذبحَ الأُضحيَّةَ كالمُسلمِ؛ ولأنَّه ذَبحٌ يَصحُّ من المُسلمِ، فصَحَّ من الكِتابيِّ كالذَّكاةِ؛ ولأنَّ مَعونةَ الكافرِ على القُربِ لا تَمنعُ من الإجزاءِ، كاستِنابتِه في تَفريقِ الزَّكواتِ والكَفاراتِ وبِناءِ المَساجدِ والقناطرِ (١).
الشَّرطُ الرابِعُ: ألَّا يُشاركَ المُضحِّي فيما يَحتملُ الشَّركةَ مَنْ لا يُريدُ أنْ يُضحِّيَ:
نصَّ الحَنفيةُ على أنَّ مِنْ شَرطِ صِحةِ الأُضحيَّةِ ألَّا يُشارِكَ المُضحِّي فيما يَحتملُ الشَّركةَ من لا يُريدُ القُربةَ رأسًا، فإنْ شارَك لم يَجزْ عن الأُضحيَّةِ، وكذا هذا في سائرِ القُربِ سِوى الأُضحيَّةِ إذا شارَك المُتقرِّبَ مَنْ لا يُريدُ القُربةَ لم يَجزْ عن القُربةِ كما في دَمِ المُتعةِ والقِرانِ والإحصارِ وجَزاءِ الصَّيدِ وغيرِ ذلك، فلو اشتَرك سَبعةٌ في بَعيرٍ أو بَقرةٍ كلُّهم يُريدون القُربةَ في الأُضحيَّةِ أو غيرِها من وُجوهِ القُربِ إلا واحِدًا منهم يُريدُ اللَّحمَ، لا يُجزِئُ واحِدًا منهم من الأُضحيَّةِ ولا من غيرِها من وُجوهِ القُربِ؛ لأنَّ القُربةَ في إراقةِ الدَّمِ، ولا تَتجزَّأُ لأنَّها ذَبحٌ واحِدٌ، فإذا لم يَقعْ قُربةً من بَعضٍ لا يَقعُ
(١) «فتح باب العناية بشرح النقاية» (٥/ ٢٤٥)، و «درر الحكام» (٣/ ٢٦٨)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ٩١، ٩٢)، و «المغني» (٩/ ٣٦٠)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٢٨٨)، و «كشاف القناع» (٣/ ٧)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ٢٦٩).