للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالمَساكينُ أهلٌ لذلكَ، فصُرِفَ إليهم، إلَّا على قَولِ مَنْ قالَ أنه يُصرَفُ إلى وَرثةِ الواقفِ مِلكًا لهم، فإنه يُصرَفُ عند عَدمِهم إلى بَيتِ المالِ؛ لأنه بطَلَ الوَقفُ فيه بانقِطاعِه وصارَ مِيراثًا لا وارِثَ له فكانَ بَيتُ المالِ به أَولى (١).

الحالَةُ الرابِعةُ: أنْ يَكونَ مَجهولَ الابتِداءِ مَعلومَ الانتِهاءِ (مُنقطِعَ الابتِداءِ مُتصِلَ الانتِهاءِ):

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو كانَ الوَقفُ مُنقطِعَ الابتِداءِ مُتصِلَ الانتِهاءِ، مثلَ أنْ يَقفَ على عَبدِه ثمَّ على المَساكينِ، أو يَقفَ على كَنيسةٍ ثمَّ على المَساكينِ، أو يَقِفَ على نَفسِه -عندَ مَنْ لا يُجيزُ الوَقفَ على النَّفسِ، وهُم الجُمهورُ كما تقدَّمَ- ثُمَّ على المَساكينِ، أو يَقفَ على وَلدِه ولا وَلدَ له ثمَّ على المَساكينِ، أو على قَومٍ غيرِ مُعيَّنينَ ثمَّ على المَساكينِ، أو على زَيدٍ ثمَّ على الفُقراءِ فرَدَّ زيدٌ الوَقفَ -عندَ مَنْ يَقولُ باشتِراطِ القَبولِ- هل يَبطلُ الوَقفُ بهذا أم يَصحُّ؟

فذهَبَ الشافِعيةُ في المَذهبِ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنَّ الوَقفَ باطلٌ؛ لأنَّ الأولَ باطِلٌ لعَدمِ إمكانِ الصَّرفِ إليهِ في الحالِ؛ لأنه لم يَجدْ مُستحِقًّا وابتِداءً صَحيحًا يُبنَى عليه، ولأنَّ الثَّاني فرعٌ لأصلٍ باطلٍ، فكانَ باطلًا، ومِثلُه الوَقفُ على مَسجدٍ سيُبنَى (٢).


(١) «المغني» (٥/ ٣٦٣، ٣٦٤)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٠٢، ٢٠٤)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢٠١)، و «المبدع» (٥/ ٣٢٧، ٣٢٨)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٤)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٢٩٤)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٠٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٤١)
(٢) «المهذب» (١/ ٤٤١)، و «البيان» (٨/ ٧٠، ٧١)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٤٥، ١٤٦)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٦٥)، و «نهاية المحتاج» (٥/ ٤٢٩)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢٥١)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٨٥)، و «الديباج» (٢/ ٥٢٣، ٢٢٤)، و «المغني» (٥/ ٣٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>