كالمُتحجِّرِ وهي باقِيةٌ على اشتِراكِ المُسلِمينَ؟ فيه نَظرٌ، لكنَّ القاضِي عِياضًا نصَّ على اختِصاصِها بالمُقطَعِ، ويُؤيِّدُ ذلك ما تقَدمَ مِنْ فَتوى المُصنِّفِ بصِحةِ إِيجارِها (١).
إِجارةُ الإِقطاعِ:
قالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ ﵀: ما علِمتُ أحدًا مِنْ عُلماءِ المُسلِمينَ لا أهلَ المَذاهبِ الأربَعةِ ولا غيرَهم قالَ إنَّ إِجارةَ الإِقطاعِ لا تَجوزُ، وما زالُ المُسلِمونَ يُؤجِّرونَ الأرضَ المُقطعَةَ مِنْ زمنِ الصَّحابةِ إلى زمنِنا هذا.
لكنَّ بعضَ أهلِ زمانِنا ابتَدعوا هذا القولَ، قالوا لأنَّ المُقطَعَ لا يَملِكُ المَنفعةَ فيَصيرُ كالمُستعيرِ إذا أكرَى الأرضَ المُعارةَ، وهذا القِياسُ خطأٌ لوَجهينِ:
أحدُهما: أنَّ المُستعِيرَ لم تَكُنِ المَنفعةُ حقًّا له، وإنَّما تَبَرعَ له المُعيرُ بها، وأما أَراضِي المُسلِمينَ فمَنفعتُها حقٌّ للمُسلِمينَ، ووليُّ الأمرِ قاسِمٌ يَقسِمُ بينَهم حقوقَهم ليسَ مُتبرعًا لهم كالمُعيرِ، والمُقطَعُ يَستوفِي المَنفعةَ بحُكمِ الاستِحقاقِ كما يَستوفِي المَوقوفُ عليه مَنافعَ الوَقفِ وأَولى، وإذا جازَ للمَوقوفِ عليه أنْ يُؤجِّرَ الوَقفَ وإنْ أمكَنَ أنْ يَموتَ فتَنفسِخُ الإِجارةُ بموتِه على أصحِّ قولَيِ العُلماءِ فلأنْ يَجوزَ للمُقطَعِ أنْ يُؤجِّرَ الإِقطاعَ وإنِ انفَسخَت الإِجارةُ بمَوتِه أو غيرِ ذلك بطَريقِ الأَولى والأحرَى.