للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شِئتُما أعطَيتُكُما، ولا حَظَّ فيها لغَنيٍّ ولا لقَويٍّ مُكتسِبٍ» (١)، فجعَلَ الاكتِسابَ بمَنزلةِ الغِنى بالمالِ.

وقالَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في مُقابلِ الأصَحِّ: إذا كانَ الابنُ مُعسرًا إلا أنه قادِرٌ على التكسُّبِ لا يَجبُ عليه التكسُّبِ لأجْلِ الإنفاقِ على أبوَيهِ كما لا يَجبُ على الأبِ المُعسرِ أنْ يَتكسَّبَ بصَنعةٍ أو غيرِها ليُنفقَ على وَلدِه المُعسرِ ولو كانَ لذلكَ الأبِ صَنعةٌ.

الشَّرطُ الخامِسُ: أنْ يكونَ الأبُ مُسلمًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ هل يُشترطُ لوُجوبِ النَّفقةِ على الأبِ أنْ يَكونَ مُسلمًا؟ أم تَجبُ النَّفقةُ على الابنِ لوالِدِه ولو كانَ الوالدُ كافرًا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في المَشهورِ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنه لا يُشترطُ إسلامُ الأبوَينِ، فتَجبُ النَّفقةُ على الأبِ الكافرِ إذا كانَ الابنُ مُسلمًا، وكذا تَجبُ نَفقةُ الابنِ الكافرِ على الأبِ المُسلمِ، ولا يَضرُّ اختِلافُ الدِّينِ؛ لأنها نَفقةٌ تَجبُ مع اتِّفاقِ الدِّينِ، فتَجبُ مع اختِلافِه كنَفقةِ الزَّوجةِ والمَملوكةِ، ولأنه يُعتَقُ على قَريبِه، فيَجبُ عليه الإنفاقُ عليه كما لو اتَّفقَ دِينُهما.

وذهَبَ الحَنابلةُ في المَذهبِ والمالِكيةُ في قَولٍ إلى أنه يُشترطُ أنْ لا يَكونَ دِينُهما مُختلِفًا، فإنْ كانَ أحَدُهما مُسلِمًا والآخَرُ كافِرًا فلا تَجبُ نَفقةُ


(١) حَدِيثٌ صَحيحٌ: رواه أبو داود (١٦٣٣)، والنسائي (٢٥٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>