للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانيًا: الرَّجعةُ بالفِعلِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ الرَّجعةِ، هل تَصحُّ بالفِعلِ كالوَطءِ أو المَسِّ بشَهوةٍ؟ أم لا تَصحُّ إلا بالقولِ؟ وهل تُشترطُ النيةُ معَ الفِعلِ؟ أم يَكفي الفعلُ وحْدَه ولو بلا نيَّةٍ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الرَّجعةَ تَحصلُ بالفِعلِ كما تَحصلُ بالقَولِ على تَفصيلٍ عِندَهم في هذا.

قالَ الحَنفيةُ: تَصحُّ الرجعةُ بالفِعلِ بأنْ يطأَهَا في فَرجِها أو دبُرِها أو يُقبِّلَها أو يَلمسَها بشَهوةٍ، أو يَنظرَ إلى فَرجِها الدَّاخلِ بشَهوةٍ ولا يَتحققُ ذلكَ إلا عندَ انكِبابِها؛ لأنه بوَطئِها وبكُلِّ فعلٍ يَختصُّ بالنكاحِ يَكونُ مُستديمًا لمِلكِ النكاحِ، وهذه الأفعالُ تَدلُّ على ذلك، بل هيَ أقَوى مِنْ القَولِ، ولأنَّنا أجمَعْنا على أنه يَملكُها مِنْ غَيرِ رضاها ولا يُشترطُ فيها الإيجابُ والقَبولُ ولا يَجبُ فيها مَهرٌ ولا عِوضٌ؛ لأنَّ العوضَ إنما يَجبُ عِوضًا عن مِلكِ البُضعِ، والبُضعُ في مِلكِه.

إلا أنه يُكرَه ذلكَ، ويُستحبُّ أنْ يُرجعَها بعدَه بالقولِ.

وأما النَّظرُ إلى غَيرِ الفَرجِ فلا تَحلُّ بهِ الرجعةُ، والخَلوةُ بها ليسَتَ برَجعةٍ؛ لأنه لا يُوجَدُ ما يَدلُّ على الرجعةِ لا قَولًا ولا فِعلًا.

وكذا تَحصلُ الرجعةُ لو لمَسَتْ هي زوْجَها بشَهوةٍ أو نظَرَتْ إلى فَرجِه بشَهوةٍ عندَ أبي حَنيفةَ ومُحمدٍ؛ لأنَّ فعْلَها بهِ كفعلِه بها، فإنَّ الحِلَّ مشتَرَكٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>