للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحَنابِلةُ: ليس لِلمُضارِبِ أنْ يَشتريَ بأكثَرَ مِنْ رأسِ المالِ؛ لأنَّ الإذنْ لَم يَتناوَلْ غَيرَه؛ فإنْ كان رأسُ المالِ ألفًا فاشتَرى عَبدًا بألفٍ فهو لِلمُضاربةِ؛ لأنَّه مَأذونٌ فيه، وإنِ اشتَرى آخَرُ لَم يَدخُلْ في المُضاربةِ؛ لأنَّه غَيرُ مَأذونٍ فيه، وحُكمُه حُكمُ ما لو اشتَرى لِغَيرِه شَيئًا بغَيرِ إذنِه، ويَكونُ رِبحُه لِلمُضارِبِ إنْ رَبِحَ وخَسارَتُه عليه، إلا أنْ يأذَن رَبُّ المالِ؛ فإنْ تَلِف الألفُ قبلَ نَقدِه في الأولِ فعلى رَبِّ المالِ الثَّمنُ؛ لأنَّ الشِّراءَ بإذنِه، ويَصيرُ رأسُ المالِ الثَّمنَ الثانيَ؛ لأنَّ الأولَ تَلِف قبلَ تَصرُّفِه فيه، وإنْ تَلِف قبلَ الشِّراءِ لَم يَدخُلِ المُشتَري في المُضاربةِ؛ لأنَّها انفَسَخت قبلَ الشِّراءِ لِتَلفِ رأسِ المالِ وزَوالِ الإذنِ (١).

وقال ابنُ القَطَّانِ الفاسيُّ : وإذا اشتَرى العامِلُ بمالِ القِراضِ مَتاعًا، وحمَله بكِراءٍ مِنْ بَلدٍ إلى بَلدٍ رَجاءَ الفَضلِ فبارَ عليه، واغتَرَق الكِراءُ المالَ؛ فإنْ كان فيه وَفاءٌ لِلكِراءِ فسَبيلُ ذلك إنْ كان بَقيَ مِنَ الكِراءِ شَيءٌ فعَلى العامِلِ لا على رَبِّ المالِ؛ لأنَّه لا يَبيعُ بدَينٍ مِنْ غَيرِ المالِ الذي قارَضه فيه، ولا يَحمِلُ العامِلُ في ذلك على رَبِّ المالِ، لا أعلَمُ فيه خِلافًا، وهو أصلٌ وإجماعٌ (٢).

٥ - السَّفرُ بمالِ المُضاربةِ:

المُضارِبُ إذا نَهاه رَبُّ المالِ عن السَّفرِ بمالِ المُضاربةِ، لا يَجوزُ له


(١) «المغني» (٥/ ٢٨)، و «الكافي» (٢/ ٢٧٢)، و «المحرر» (٣٥١)، و «المبدع» (٥/ ٢٦)، و «الإنصاف» (٥/ ٤٣٦، ٤٣٧).
(٢) «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١٦٨١) رقم (٣٣٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>