إذا ترَكَتْ حقَّها في المطالَبةِ بالفيءِ هل لها المطالَبةُ بعدَ ذلكَ أم لا؟
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو انقَضَتْ مدَّةُ الإيلاءِ ورَضيَتِ الزوجةُ بالمقامِ معهُ بلا وَطءٍ وأسقَطَتْ حقَّها مِنْ الفَيئةِ ثمَّ رجَعَتْ عن ذلكَ الرِّضا وطلَبَتِ الفَيئةَ أو الطلاقَ، هل لها ذلكَ أم يَسقطُ حقُّها؟
فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في احتِمالٍ إلى أنَّ المَرأةَ إذا أَعفَتْ زوْجَها بسِكوتِها عن مُطالَبةِ الزوجِ أو بإسقاطِ المُطالَبةِ عنه لم يَسقُطْ حقُّها بذلكَ، ولها المُطالَبةُ مِنْ غيرِ ضَربِ أجَلٍ، فإمَّا فاءَ وإلا طلَّقَ؛ لتَجدُّدِ الضررِ؛ لأنها تَثبتُ لرَفعِ الضَّررِ بتَركِ ما يَتجدَّدُ مع الأحوالِ، فكانَ لها الرُّجوعُ كما لو أعسَرَ بالنَّفقةِ فعَفَتْ عن المُطالَبةِ بالفَسخِ ثمَّ طالَبَتْ.
ولأنه أمرٌ لا صبْرَ للنِّساءِ عليهِ؛ لشدَّةِ الضَّررِ ودَوامِه، فكأنها أسقَطَتْ ما لم تَعلمْ قدْرَه (١).
(١) «التاج والإكليل» (٣/ ١٣٦)، و «شرح مختصر خليل» (٤/ ٩٩)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣٥٧)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٢٥٧)، و «النجم الوهاج» (٨/ ٤٠)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٢٨)، و «تحفة المحتاج» (٩/ ٦٤٥)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٩٠)، و «الديباج» (٣/ ٤٩٩).