الضَّربُ الأولُ: الغُزاةُ في سَبيلِ اللهِ تعالَى والذين ليسَ لهم نَصيبٌ في الدِّيوانِ، بل هم مُتطوِّعونَ للجِهادِ كما يَقولُ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ، خِلافًا للمالِكيةِ، وهذا الضَّربُ مُتَّفقٌ عليه عندَ الفُقهاءِ من حيثُ الجُملةُ، فيَجوزُ إِعطاؤُهم من الزَّكاةِ قَدرَ ما يَتجهَّزونَ به للغَزوِ من مَركَبٍ وسِلاحٍ ونَفقةٍ وسائِرِ ما يَحتاجُ إليه الغازي مُدةَ الغَزوِ وإنْ طالَت.
ولم يَشتَرطْ جُمهورُ الفُقهاءِ مالِكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ أنْ يَكونَ الغازي فَقيرًا، بل يَجوزُ إعطاءُ الغَنيِّ لذلك؛ لأنَّه لا يَأخذُ لمَصلحةِ نَفسِه بل لمَصلحةِ المُسلِمينَ فلم يُشتَرطْ فيه الفَقرُ.
واحتجَّ الجُمهورُ على ذلك بقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: ٦٠]، فيَدخلُ فيه الغَنيُّ والفَقيرُ ولقَولِه ﷺ:«لَا تَحلُّ الصَّدقةُ لغَنيٍّ إلَّا لخَمسةٍ: غَازٍ في سَبيلِ اللَّهِ … » الحَديثَ (١) نَفى حِلَّ الصَّدقةِ للأَغنياءِ، واستَثنى الغازيَ منهم، والاستِثناءُ من النَّفيِ إِثباتٌ، فيَقتَضي حِلَّ الصَّدقةِ لِلغازي الغَنِيِّ.
ولأنَّ اللهَ تعالَى جعَلَ الفُقراءَ والمَساكينَ صِنفَينِ وعَدَّ بَعدَهما سِتةَ أَصنافٍ فلا يَلزمُ وُجودُ صِفةِ الصِّنفَينِ في بَقيَّةِ الأَصنافِ، كما لا يَلزمُ وُجودُ