للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميةَ إلى أنَّهُ لا يقَعُ طلاقُ الكاذِبِ مُطلقًا، فقالَ : مَنْ حلَفَ بالطَّلاقِ كاذِبًا يَعلمُ كذِبَ نَفسِه لا تَطلقُ زَوجتُهُ، ولا يَلزمُه كفَّارةُ يَمينٍ (١).

المسألةُ السابعَةُ: طلاقُ المخطِئُ:

طلاقُ المُخطِئ هوَ مَنْ لم يَقصدِ التَّلفظَ بالطَّلاقِ أصلًا، وإنَّما قصَدَ لَفظًا آخَرَ فسبَقَ لسانُه إلى الطَّلاقِ مِنْ غَيرِ قَصدٍ، كأنْ يُريدَ أنْ يقولَ لزَوجتِهِ: «يا طالِبةُ»، فإذَا بهِ يَقولُ لها خَطأً: «يا طالِقةُ»، والمُخطئُ غَيرُ الهازِلِ؛ لأنَّ الهازِلَ قاصِدٌ للَفظِ الطَّلاقِ، إلَّا أنَّهُ غَيرُ قاصِدٍ للفُرقةِ بهِ، والمُخطِئُ لم يَقصدِ اللَّفظَ، وإنَّما سبَقَ لسانُه بهِ.

وقدِ اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ طلاقِ المُخطِئِ، كمَن أرادَ أنْ يَتلفَّظَ بغَيرِ لَفظِ الطَّلاقِ فزَلَّ لِسانُه وتَلفَّظَ بهِ، هل يقَعُ طلاقُه أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالكيَّةُ والشَّافعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّهُ لا يقَعُ؛ لقَولِه : «إِنَّ اللَّهَ تَجاوَزَ عن أُمَّتي الخَطأَ والنِّسيانَ وما استُكرِهُوا عليهِ» (٢). فسوَّى بيْنَ الثَّلاثةِ في التَّجاوُزِ.


(١) «الفتاوى الكبرى» (٤/ ٥٦٧).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن ماجه (٢٠٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>