للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَلْ يُشترَطُ أنْ تَكونَ المُدَّةُ مَعلومةً لِصِحَّةِ الشَّرطِ:

اختلَف الفُقهاءُ في مُدَّةِ الخِيارِ، هل يُشترَطُ أنْ تَكونَ مَعلومةً لِلعاقِدَيْنِ أو تَصحُّ مَجهولةً؟

فقالَ الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ: لا يَجوزُ أنْ تَكونَ مُدَّةُ الخِيارِ مَجهولةً، كقُدومِ زَيدٍ، أو مَجيءِ المَطَرِ، أو إلى الأبَدِ، أو متى شِئْنا، أو قالَ أحَدُهما: ليَ الخِيارُ، ولَم يَذكُرْ مُدَّتَه، أو نَحوِ ذلك؛ لأنَّها مُدَّةٌ مُلحَقةٌ بالعَقدِ، فلَم تَجُزْ مع الجَهالةِ، كالأجَلِ، ولأنَّ اشتِراطَ الخِيارِ أبَدًا يَقتَضي المَنعَ مِنْ التَّصرُّفِ على الأبَدِ، وذلك يُنافي مُقتَضى العَقدِ، فلَم يَصحَّ، كما لو قالَ: بِعتُكَ بشَرطِ ألَّا تَتصرَّفَ.

وقالَ الحَنفيَّةُ: إذا جُعِلَ الخِيارُ بغيرِ مُدَّةٍ مَعلومةٍ فسَد البَيعُ، كالجُعلِ الفاسِدِ، والثَّمنِ الفاسِدِ، وإنْ أجازَه في الثَّلاثةِ جازَ عندَ أبي حَنيفةَ، وإنْ لَم يُجِزْه حتى مَضَتِ الثَّلاثةُ لَم يَكُنْ له أنْ يُجيزَ.

وقالَ أبو يُوسفَ ومُحمَّدٌ: له أنْ يَختارَ بعدَ الثَّلاثةِ.

وعن الإمامِ أحمدَ أنَّه يَصحُّ مَجهولًا؛ لقولِه : «المُؤمِنونَ على شُروطِهم»، فعلى هذا إذا كانَ الخِيارُ مُطلَقًا، مثلَ أنْ يَقولَ: لَكَ الخِيارُ متى شِئتَ، أو إلى الأبَدِ، صَحَّ، وهُما على خِيارِهما، أو يَقطَعاه، أو تَنتَهي مُدَّتُه إذا كانَ مَشروطًا إلى مُدَّةٍ.

وقالَ المالِكيَّةُ: ولا يَجوزُ في شَيءٍ مِنْ السِّلَعِ أنْ تَكونَ مُدَّةُ الخِيارِ فيه مَجهولةً؛ فإن عُقِدَ على ذلك، كقَولِهما: إلى قُدومِ زَيدٍ، ولا أمارةَ على

<<  <  ج: ص:  >  >>