ولأنَّ كلَّ دِيةٍ تَجبُ بالقَتلِ مِنْ غيرِ صُلحٍ ولا عَفوٍ لبَعضٍ فإنها تَجبُ على العاقلةِ.
قالَ الإمامُ ابنُ المُنذرِ ﵀: أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ ديَةَ الخَطأِ على العاقِلةِ (١).
واتَّفقَ فُقهاءُ الأمصارِ أنَّ ديَةَ الخطَأِ تكونُ مُؤجَّلةً في ثلاثِ سَنواتٍ، وسَيأتي بيانُ ذلكَ في كتابِ الدِّياتِ بالتَّفصيلِ.
حِرمانُ القاتلِ الخَطأِ وشِبهِ العَمدِ مِنْ الميراثِ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ قاتلَ الخَطأِ وشِبهِ العَمدِ لا يَرثُ مِنْ الديةِ شيئًا، واختَلفُوا هل يَرثُ مِنْ مالِ المَقتولِ أم لا؟
فذهَبَ المالِكيةُ إلى أنه يَرثُ مِنْ مالِه ولا يَرثُ مِنْ دِيتِه شَيئًا، وحُكيَ ذلكَ عن عطاءِ بنِ أبي رَباحٍ وابنِ المُسيبِ ومُجاهدٍ والزُّهريِّ، وبه قالَ الأوزاعيُّ وسَعيدُ بنُ عبدِ العزيزِ وإسحاقُ بنُ راهَويهِ وأبو ثَورٍ، واحتَجَّ أبو ثَورٍ بأنه إنما وَرثَه مِنْ سائرِ المالِ بالكِتابِ؛ لأنَّ اللهَ جَلَّ ذِكرُه سمَّى المَواريثَ لأهلِها ولم يَذكرْ قاتِلًا، فلمَّا اختَلفُوا في القَتلِ خَطأً كانَ له
(١) «الإشراف» (٨/ ٧)، و «الإجماع» (٦٩٩).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute