للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ أَبو الخَطّابِ: لا يُحاصُّ غُرَماءُ الصِّحةِ، وقالَ القاضِي: هو قِياسُ المَذهبِ لنَصِّ أَحمدَ في المُفلِسِ أنَّه إذا أقَرَّ وعليه دَينٌ ببَيِّنةٍ يَبدَأُ بالدَّينِ الذي بالبَيِّنةِ، وبهذا قالَ النَّخَعيُّ والثَّوريُّ وأَصحابُ الرَّأيِ؛ لأنَّه أقَرَّ بَعدَ تَعلُّقِ الحَقِّ بتَرِكَتِه، فوَجَبَ ألَّا يُشارِكَ المُقِرَّ له مَنْ ثبَتَ دَينُه ببَيِّنةٍ كغَريمِ المُفلِسِ الذي أقَرَّ له بَعدَ الحَجرِ عليه، والدَّليلُ على تَعلُّقِ الحَقِّ بمالِه مَنعُه مِنْ التَّبَرُّعِ ومِن الإِقرارِ لوارِثٍ، ولأنَّه مَحجورٌ عليه، ولهذا لا تَنفُذُ هِباتُه وتبَرُّعاتُه فلم يُشارِكْ مَنْ أقَرَّ له قبلَ الحَجرِ، ومَن ثبَتَ دَينُه ببَيِّنةٍ كالَّذي أقَرَّ له المُفلِسُ، وإن أقَرَّ لهما جَميعًا في المَرضِ تَساوَيا ولم يُقدَّمِ السّابِقُ منهما لأنَّهما استَوَيا في الحالِ فأشبَها غَريمَيِ الصِّحةِ (١).

إلا أنَّ المالِكيةَ قالوا: يَجوزُ الإِقرارُ لأجنَبيٍّ إلا إذا كانَ الإِقرارُ لصَديقٍ مُلاطِفٍ، فلا يَصحُّ الإِقرارُ لقيامِ قَرينةٍ في قَصدِه نَفعَهم أو اتِّصالِ ذلك لبَعضِ وَرثتِه على يَدِ صَديقِه (٢).

الحالةُ الثانيةُ: أنْ يُقرَّ لوارِثٍ في مَرضِ المَوتِ:

اختَلفَ العُلَماءُ في إِقرارِ المَريضِ مَرضَ المَوتِ لوارِثٍ هل هو باطِلٌ سَدًّا للذَّريعةِ ورَدًّا للإِقرارِ الذي صادَفَ حَقَّ الوَرَثةِ فيما هو مُتَّهمٌ فيه؛ لأنَّه شَهادةٌ على نَفسِه فيما تَعلَّقَ به حَقُّهم فيُرَدُّ للتُّهمةِ كالشَّهادةِ على غَيرِه أو هو مَقبولٌ ويَصِحُّ إِحسانًا للظَّنِّ بالمُقِرِّ ولا سيَّما عندَ الخاتِمةِ؟


(١) «المغني» (٥/ ١٢٣، ١٢٤)، وينظر: «تبيين الحقائق» (٥/ ٢٣، ٢٤)، و «العناية» (١٢/ ٢٨).
(٢) «تبصرة الحكام» (٢/ ١٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>