للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانا ثَخينَينِ لا يَشفَّانِ، واحتَجَّ بعضُ مَنْ رَأى المَسحَ على الجَوربَينِ بحَديثِ المُغيرةِ بنِ شُعبةَ «أنَّ النَّبيَّ مسَحَ على جَوربَيه ونَعلَيه»، وأنكَرَت طائِفةٌ المَسحَ على الجَوربَينِ وكرِهَته، وممَّن كرِهَ ذلك ولم يَرَه مالِكُ بنُ أنَسٍ والأَوزاعيُّ والشافِعيُّ والنُّعمانُ، وهذا مَذهبُ عَطاءٍ، وهو آخِرُ قَولَيه، وبه قالَ مُجاهدٌ وعَمرُو بنُ دِينارٍ والحَسنُ بنُ مُسلمٍ (١).

وقالَ الإمامُ ابنُ رُشدٍ : واختَلَفوا في المَسحِ على الجَوربَينِ. وسَببُ اختِلافِهم هو صِحةُ الآثارِ الوارِدةِ عنه أنَّه مسَحَ على الجَوربَينِ والنَّعلَينِ، وأيضًا هل يُقاسُ على الخُفِّ غيرُه أو هي عِبادةٌ لا يُقاسُ عليها، ولا يُتعدَّى بها مَحلُّها، فمَن لم يَصحَّ عندَه الحَديثُ أو لم يَبلُغْه ولم يَرَ القياسَ على الخُفِّ قصَرَ المَسحَ عليه، ومَن صَحَّ عندَه الأثَرُ وجَوازُ القياسِ على الخُفِّ أجازَ المَسحَ على الجَوربَينِ (٢).

حُكمُ المَسحِ على اللَّفائِفِ:

نَصَّ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا يَجوزُ المَسحُ على اللَّفائفِ.

قالَ الإمامُ ابنُ قُدامةَ: ولا يَجوزُ المَسحُ على اللَّفائفِ والخِرقِ، نَصَّ عليه أحمدُ، وقيلَ له: إنَّ أهلَ الجَبلِ يَلُفُّون على أرجُلِهم لَفائفَ إلى نِصفِ الساقِ، قالَ: لا يُجزئُه المَسحُ على ذلك إلا أنْ يَكونَ جَوربًا، وذلك لأنَّ


(١) «الأوسط» (١/ ٤٦٤، ٤٦٥).
(٢) «بداية المجتهد» (١/ ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>