للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّكنُ الرابعُ: المَرهونُ به:

وهو الحَقُّ الذي لِلمُرتَهَنِ في ذِمَّةِ الراهِنِ، والذي يُوضَعُ الرَّهنُ بمُقابِلِه، ويُشترَطُ فيه أُمورٌ عندَ الحَنفيَّةِ والشافِعيَّةِ.

قال الحَنفيَّةُ: يُشترَطُ في المَرهونِ به عِدَّةُ شُروطٍ:

١ - منها: أنْ يكون مضمونًا، أي واجِبَ التَّسليمِ إلى صاحِبِه؛ لأنَّه إذا لَم يَكُنْ واجِبَ التَّسليمِ فلا مَحَلَّ لأنْ يُعطى به رَهنٌ لِتَوثيقِه، إذْ لا إلزامَ على المُطالِبِ بالحَقِّ الذي يَستَوجِبُ التَّوثُّقَ به، والكَلامُ في هذا الشَّرطِ يَقَعُ في مَوضِعَيْنِ: أحَدُهما: في أصلِ اشتِراطِ الضَّمانِ، والآخَرُ: في صِفةِ المَضمونِ.

أمَّا الأوَّلُ: فأصلُ الضَّمانِ هو: كَونُ المَرهونِ به مَضمونًا شَرطُ جَوازِ الرَّهنِ؛ لأنَّ المَرهونَ مَضمونٌ، بمَعنى سُقوطِ الواجِبِ عندَ هَلاكِه، أو بمَعنى استِيفاءِ الواجِبِ، ولَسْنا نَعني بالمَضمونِ سِوى أنْ يَكونَ واجِبَ التَّسليمِ على الراهِنِ.


= مسدَّهما، لأنَّه أشعرَ بالتَّسميةِ والتَّعيينِ أنَّ له غَرضًا في التَّعيينِ، فإذا لَم يُسمِّ حينَ الشَّرطِ أشعَرَ أنَّ غرَضَه في أن يُعطَى ثِقة بحقّه إلى غير ذلك. لكنْ لَو اشتَرطَ شهادةَ شاهِدينِ سمَّاهما، فأشهدَ غيرَهما عدالَتهما كعَدالَتِهما فهذا يُعتبرُ فيه هل لَه غرضٌ في تَعيينِهما فيُوفى لَه بِشرطِه، أو يَكونُ لا غرضَ لَه فيَجوزُ ذلك على القَولينِ عندَنا في اشتِراطِ مَالًا يُفيدُ في عُقودِ البَيعِ: هل يُوفى به أم لا؟
هذا الحُكمُ عندِي في هذه المَسألةِ. ولأصحابِ الشَّافِعيِّ فيها قَولانِ: أحدُهما: هذا الشَّرط مُطَّرَح. والآخرُ: أنه يَلزُم الوَفاءُ به. والأمرُ فيه ينحَصرُ -عندِي- إلى ما أشَرنا إليه مِنْ رَأْيي، وكأن مِنْ رَأى مِنْ أصْحابِ الشَّافِعيِّ كَونَ هذا الشَّرطِ مُطّرَحًا تُصُوِّر فيه أنَّه لا يُمكنُ أن يَكونَ فيه غرَض، فَهذا طَرحُه.

<<  <  ج: ص:  >  >>