قلنا: إنَّما سمَّاهُ محلِّلًا لأنهُ قصَدَ التحليلَ في موضعٍ لا يَحصلُ فيه الحِلُّ كما قالَ ﷺ: «مَا آمَنَ بالقرآنِ مَنِ استَحَلَّ محارِمَهُ»، وقالَ اللهُ تعالَى: ﴿يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا﴾ [التوبة: ٣٧]، ولو كانَ مُحلِّلًا في الحقيقةِ والآخَرُ مُحلَّلًا له لم يَكونَا مَلعونَيْنِ (١).
هل يُشترطُ في الزَّوجِ المُحلِّلِ أنْ يَكونَ بالغًا أو عاقِلاً؟
اختَلفَ الفُقهاءُ في الزوجِ الذي يَحصلُ به التحليلُ؛ هل يُشترطُ أنْ يكونَ بالغًا؟ أم لا يُشترطُ ويَصحُّ نكاحُ المُراهِقِ وتَحلُّ به للأولِ؟
فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّه لا يُشترطُ البلوغُ في الزوجِ المحلِّلِ، فلو وَطئَها مُراهقٌ ثمَّ طلَّقَها حَلَّتْ للأولِ؛ لوُجودِ الدخولِ في نكاحٍ صَحيحٍ، ولا يُشترطُ الإنزالُ.
قالَ الحَنفيةُ: الصبيُّ المراهقُ الذي يُجامِعُ مثلُه كالبالغِ في تحليلِ المُطلقةِ ثلاثًا لزوجِها الأولِ؛ لوُجودِ الدخولِ في نكاحٍ صحيحٍ، وهوَ الشرطُ بالنصِّ، ولا يُشترطُ الإنزالُ إنما إيلاجُ الحشفةِ؛ لأنَّ الإنزالَ كَمالٌ ومُبالغةٌ فيهِ، وهوَ قيدٌ لا دليلَ عليهِ، فكانَ بمَنزلةِ المَسلولِ والفَحلِ الذي لا يُنزِلُ.
والمُراهِقُ: هو الدَّاني مِنَ البلوغِ فيهِ، وقيلَ: الذي تَتحركُ آلتُه ويَشتهي الجِماعَ، وقدَّرَ شمسُ الأئمَّةِ بعشرِ سنينَ.
والشيخُ الذي لا يَقدرُ على الجِماعِ لو أولَجَ ذكَرَهُ بمُساعدةِ يَدهِ لا يُحلُّها إلا إذا انتَعشَ وعَملَ.
(١) «المغني» (٧/ ١٣٩، ١٤٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute