للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الكاسانِيُّ : والصَّحيحُ قولُ أَبي حَنيفَةَ؛ لأنَّ مَوضعَ الإِقامةِ مَوضعُ القَرارِ، ولأنَّ المَفازةَ ليسَت مَوضعَ القَرارِ في الأصلِ، فكانَتِ النِّيةُ لَغوًا (١).

وأمَّا المالِكيةُ والشافِعيةُ في الأصَحِّ عندَهم والحَنابلَةُ في قَولٍ فإنَّهم لا يَشتَرطونَ أن يَكونَ المَكانُ صالِحًا لِلإقامةِ، فلو نَوى المُسافِرُ الإِقامةَ في مَكانٍ، ولو كانَ غيرَ صالِحٍ لِلإقامةِ صحَّت نيَّتُه وامتنَعَ القَصرُ.

وذهَبَ الشافِعيةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ والحَنابلَةُ في القولِ الآخَرِ وأبو حَنيفَةَ -كما سبَقَ- إلى أنَّه يُشتَرطُ أن يَكونَ المَكانُ صالِحًا لِلإقامةِ (٢).

دُخولُ الوطَنِ:

إذا دخَلَ المُسافِرُ وطَنَه صارَ مُقيمًا، وزالَ عنه حكمُ السَّفرِ، وتَغيَّرَ فَرضُه بصَيرُورَتِه مُقيمًا، وسَواءٌ دخَلَ وطَنَه لِلإقامةِ أو لِلاجتِيازِ أو لِقضاءِ حاجَةٍ، والخُروجِ بعدَ ذلك؛ لأنَّ النَّبيَّ كانَ يَخرجُ مُسافِرًا إلى الغَزَواتِ، ثم يَعودُ إلى المَدينةِ، ولا يُجدِّدُ نيَّةَ الإِقامةِ؛ لأنَّ وطَنَه مُتعيَّنٌ لِلإقامَةِ؛ فلا حاجَةَ إلى التَّعيينِ بالنِّيةِ، ودُخولُ الوطَنِ الذي يَنتَهي به حكمُ السَّفرِ هو أن يَعودَ إلى المَكانِ الذي بَدأَ منه القَصرَ، فإذا قرُبَ


(١) «بدائع الصنائع» (١/ ٣٢٦).
(٢) «الشرح الكبير» (١/ ٣٦٠)، و «المجموع» (٥/ ٤٦٩)، و «مُغني المحتاج» (٢/ ٢٦٤)، و «الشرح الكبير» للرافعي (٥/ ٤٤٥)، و «نهاية المحتاج» (٢/ ٢٥٣)، و «الإنصاف» (٢/ ٣٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>